/ صفحه 220/
هاتان الحربان كانتا بين حكومات لم يفهم كثير من محكوميها الأسباب الحقية التي دعت إليهما، ولا الدوافع التي طوعت الإنسان قتل أخيه الإنسان.
لقد مات وجرح ملايين من البشر، واختفى من على وجه الأرض أناس لوقدرلهم أن يتجنبوا هذه المجازر العاتية لأفادت الإنسانية منهم أعظم الفوائد، وناهيك بشباب مفتولى السواعد، مكتملى النشاط، يفيضون حيوية وإقداما وقدرة على الانتاج، أتت عليهم نيران حاصدة، وفنون من التدمير والاهلاك لا تبقى ولا تذر، هذا إلى أن الانتاج قد تحول مرتين في ربع قرن إلى صناعات حربية فخسر العالم بذلك خسارتين:
الأولى أنه أنتج أدوات ومعدات لا فائدة منها للبشر، أدوات لا قيمة لها في أى عمل إيجابى يزيد في رفاهيه الإنسان.
ولثانية أنه أهلك بها ملايين من بنى الإنسان، وهدّم مساكنهم، وخرَّب مدارسهم، ودك مصحاتهم وطرق مواصلاتهم، وكل ما هو نافع لهم.
والعالم الثاني: عالم نووى يعتمد الإنسان فيه على قوة جديدة خارقة للعادة، قوة دفينة في كل مادة نلمسها وفى كل عنصر نعرفه، هذه القوة أو الطاقة هى جزء من المادة إن لم تكن هى المادة كلها، هذه القوة الخارقة للعادة هى التي تجعل مثلا جسميات نواة كل ذرة مجتمعة بعضها إلى بعض، وهى التي تعطينا هذا الشكل المادى الساكن الهاديء لما نراه من الأشياء، فهذا حديد وهذا خشب، وهذا زئبق وذلك ماء. وهذا منزل وذلك جبل، وهذا "يورانيوم" وذلك "توريوم" ويغلب على الظن أن بعض هذه العناصر قابل بمعاملة خاصة، لما نسميه اليوم: الانفلاق النووي، أو تفرق الجسميات المكونة لنواة ذراتها وخروجها إلى الخارج، وتحولها الكامل في بعضها، أو في بعض اجزائها إلى طاقه قوية كمينة فيما منذ القدم ربما كانت هى التي استخدمت في تجميعها وضم شتاتها بطريقة لا نعرفها اليوم، بل يغلب على الظن أن الإنسان سيعرف طريق تحويل الكثير منها إلى هذه الطاقة