/ صفحه 290/
التّاريخُ في الشَّرق الأوسْطِ
لحضرة الأستاذ الفاضل الدكتور محمد مصطفى زيادة
رئيس قسم التاريخ بكلية الآداب بجامعة فؤاد الأول
المفاتح الكبير لمغاليق المشكلات في السياسة الدولية والقومية هو التاريخ، والتاريخ كذلك هو المدخل المأمون للقوانين على حل تلك المشكلات. ولذا فإنى من المتفائلين المؤمنين مستقبل هذا الشرق الأوسط، لأسباب أقرب إلى من البدائه الرياضية، وهى أسباب تنبييء بها الحقائق التاريخية النابعة من هذا الشرق، ويدل عليها ما استطاع هذا الشرق أن ينبته من دول وديانات وحضارات وثقاقات، خلال العصور الماضية، ولا سيما العصور الإسلامية الأولى، حين كانت مصادر الثروة الاقتصادية أقل كثيرا مما يتملكه أقاليم هذا الشرق في العصر الحاضر من ثروات جامدة وسائلة، ومعادن دفينة وغير دفينة، وأراض زارعية خضراء ويابسة، وطاقات مكنية عاطلة أو أقل من عاطلة، وتدل الحقائق التاريخية كذلك على أن بهذا الشرق الأوسط مقوّمات أخلاقية متينة، وهى المقوّمات التي استندت إليها الديانات الكتابية الثلاث، مع العلم بأن منبع هذه الديانات الكبرى هو هذا الشرق الذي لم يستجلب إليه منها واحدة، كما استجلبت أوربا الديانة المسيحية، والثقافة الإسلامية، ونشاط الاسرائيليين.
ولست أريد أن أنسى هنا ـ أو أتناسى ـ ما يُلصق بأخلاق هذا الشرق الأوسط من أوصاف في كتب الأوربيين، وهى أوصاف قائمة لا تختلف ولا تنبو عن الواقع الماثل إلا من ناحية المبالغة والإطناب، ولكنها على كل حال تبعد عن الحقيقة الكامنة كل البعد. ذلك أن ما بأخلاق هذا الشرق من مغامز وملامز