/ صفحه 317/
كأحسن ما يكون التعليم في عصرنا الحديث، وكان الأساتذة هم الصفوة المختارة من العلماء، وكان للطلبة بيوت يسكنونها ويرجعون إليها بعد الفراغ من الدرس، وكانت لهم أرزاق تجرى عليهم ليفرغوا إلى العلم، وكان لهم زى يميزهم وكان يباح للجمهور أن يستمع إلى بعض الدروس، فأقبل الناس عليها، واستنارت العقول، ومن تعلم علّم غيره، وهكذا وجد الشعب الإسلامى طريقاً إلى نور المعرفة، وإدراك حقيقة الدين، وهكذا ضربت الدولة في صدر العصبيات والتفرق ويسرت للركب العلمى سبيلا سويا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا.
وأراد نظام الملك أن يوحِّد الخلافتين، العباسية والفاطمية، فبذل في ذلك جهده، تارة بالدعوة السلمية وتاره بالجند. وهدفه الوحيد في كل هذا أن يتحد أهل هذا الدين لتقوى أمتهم، ويعود إليها ما لها من عزة واستقامة ومنعة.
واليوم نرى الدول الغربية تتحد لمقاومة النازية مثلا، فتتخذ من المسيحية جامعاً يؤلف قلوب أممها، ويوحد كلمتها وتصور النازية، كما تصور مالا تحب من المذاهب السياسية، بصورة الخارج على المسيحية، كى تزيد في بغض الناس لها، وكى تركز جهود المسيحيين، وتؤلبهم عليها، فهى تتخذ من دينها ذريعة لدنياها. ولا يقولن احد إنها تتخلف عن المدنية حين تنادى بالمسيحية، فهى الأمم صاحبات المدنية. وهى الأمم الداعيات وقت الحرج والخوف، إلى المسيحية.
أفلا نتعظ بالغرب، وندعو دعوة الحق، ونتآخى ونتآزر، ونعمل بمباديء ديننا، ونقيم قواعد الاجتماع والسياسة في دنيانا على أساس مما أوصانا به الإسلام المجيد.
إنما ندعو إلى العمل بما في الإسلام من مباديء قويمة,، كل دولة في حدودها ولمصالحها، يشد بعضنا أزر بعض، إذا عرض لنا أمر أمام جماعة الأمم. ويؤثر بعضنا البعض، إذا وجب الإيثار، ويشجع بعضنا البعض لتنمو مواردنا، وتمل الأيدى العاطلة فينا. وليكن الإسلام جامعاً بيننا، وهدى لنا.
ورحم الله نظام الملك، أول من نصر هذا الرأي، وعمل له؟