/ صفحه 378/
وما أشد حاجتنا إلى التحصن بتلك المباديء، ليمكن أن نعيش في هذا العالم المضطرب الذي يريد كل ظالم فيه أن يحملنا على مبائه زاعماً أنها مثالية، تضمن السعادة والنهاء للبشرية.
نحن نكتب هذا ومئات الآلاف من المسلمين يطوفون حول البيت العتيق، يهللون ويكتبرون، ويسبحون الله الواحد الأحد، فهل يذكرون أن مكة التي تفتح صدرها لهم، ويتردد في أرجائها تكبير هم وتسبيحهم، قد ضاقت بالرسول وصحابتة، وحالت بينه وبين عرض عقيدة التوحيد على الناس فيها، فهاجر تلك الهجرة المباركة، التي أوجدت الملة الإسلامية. ومهدت للمسلمين سبيل الحج وطهرت كعبتهم من الأوثان والرجس؟
وبعد، فلماذا لا نتخذ من حياة الرسول المليئة بالهجرة الصالحة مثالاً نحتذيه، وطريقاً نسلكه لنتخلص مما نحن فيه، فقد لزمنا الذل، وركبنا العار، وهان أمرنا على الناس حتّى ان شذاذ اليهود أقاموا لهم دولة في قلب أرضنا السلامية تهدد وجودنا بأشد من تهديد يهود يثرب لمسلمى صدر الإسلام.
ولئن كان الأولون تخلصوا من كل خطر حاق بهم، بفضل تحصنهم بمباديء الدين، والتزامهم محجة الرسول ونهجه؛ إن على القادة في أيامنا هذه ـ إن أرادوا النجاة والخلاص من كل خطر داهم، وذل جاثم، وعبودية مهينية ـ أن يبدءوا من أول الطريق، فينظروابعين الاعتبار إلى الهجرة، ويتفهموا حقيقة معناها. وما هى إلا التضحية، ونسيان الذات، وعدم الخضوع لمؤثرات البيئة والمجتمع واتخاذ خطوات إبجابية حاسمة، تساعدهم على الهجرة بأنفسهم وبالناس معهم،
فإلى الهجرة؟