/ صفحه 380/
وما نظرية التفويض الإلهى التي عرفها الناس على أنها أحدث النظريات في وجود الدولة ادلا صورة من صور هذا النظام.
وخلاصة هذه النظرية أن الدولة أصلها الدين على معنى أن سلطانها يرتكز على سناد سماوي، ويرجع إلى إرادة علوية فوق إرادة البشر.
تلك الإرادة الإلهية هى التي اصطفت من بين الناس مباشرة ملوكا عليهم يختصون دونهم بالسيادة والسلطان مؤيدين بروح من عند الله الذي اصطفاهم وعهد إليهم بمصالح البشر المكلفين بطاعتهم والاتتمار بأمرهم، وأساس الدوله على هذا هو التوفيض الإلهى الخارج عن إرادة البشر، ورئيس الدولة على هذا غير محاسب على علمه إلا أمام الله الذي اصطفاه وفضله على عباده، وفى ذلك يقول لويس الرابع عشر: (إن سلطة الملوك إنما تستمد من تفويض الخالق، فالله هو مصدر هذه السلطة وبين يديه وحده يؤدى الملوك حسباً عن استعمالها) كما قال لويس الخامس عشر في مرسوم صدر منه في عام 1770 م (إننا لم نتلق التاج إلا من الله، فسلطة عمل القوانى هى من اختصاصنا وحدنا دون تبعية ولا توزيع).
لا بل إن هذه النظرية سادت حتّى مستهل هذا القرن، فقد قال غليوم الثانى امبراطور الألمان في عام 1916 (إن الملك يستمد سلطته من الله، ولا يقدم حسابه إلا إليه، وإننى على هذا المبدأ أضع سياستى وأعمالي).
وقرب من هذه النظرية أيضاً نظرية العناية الإلهية، وهى لا تختلف في جوهرها عن النظرية السابقة، والفرق بينهما أن إرادة الله عن النظرية الأول تعمل مباشرة فتختار الحاكم، بينما هى ـ على النظرية الثانية ـ تعمل بطريق غير مباشر، وبواسطة إرادات الأفراد، تلك الإرادات التي تختار الحاكم مباشرة مسيرة في هدا الاختيارا بالعناية الإلهية.
تلك هى نظرية التيوقر اطية وما لفَّ لفَّها من نظريات حديثة، فهل كانت نظرية