/ صفحة 116 /
وتساءل الناس: أين كانت هذه الحكومة إذن؟ ولم سكتت والخطر يتهدد الحرم منذ سنين؟ وهل لهذا السكوت صلة بما يتناقله الناس عن الوهابيين في شأن القبور والقباب؟ وهل هذه العزمة الأخيرة على الإصلاح عزمة صادقة؟
وحقَّ للناس أن يتساءلوا، فإن الموقف السلبي الذي تقفه حكومة إخواننا النجديين من سائر مرافق الإصلاح في البلاد الحجازية، من شأنه أن يثير التساؤل، ويبعث على القلق، والأمر ليس أمر الحرم النبوي فقط، وإنما هو أمر الحرم المكي أيضاً، بل أمر المناسك جميعاً وما يتصل بها من المرافق والسبل.
أترى لوكانت هذه المقدسات الدينية لأمة مسيحية أو يهودية، أكانت تبقى هذه الصور التي تدل على الإهمال الشنيع؟ أ كنا نرى المسجد الحرام ومن حوله الأقذار والأبوال لأن الحكومة لم تهيء للناس أما كن لقضاء الحاجات، والاستعداد للصلوات؟ أ كنا نرى الناس يؤدون الصلوات وقر افترشوا أرضه في حمارَّة القيظ لا يظلهم إلا السماء، وهم معرضون للموت احتراقاً بأشعة الشمس، أ كنا نرى شوارع مكة والمدينة وقد تراكمت فيها الأتربة والفضلات على صورة مؤذية تثير الاشمئزاز في النفوس، وتفتح للشيطان مداخل إفساد القلوب?
لم لا يعالج كله والمسلمون يدفعون ضرائب على الحج والزيارة وقد فاض الذهب النُّضار من منابع الزيت حتى طارت به الطائرات إلى الدنيا القديمة والدنيا الجديدة؟ فليكن لإخواننا النجديين ما يرون في القبور والقباب، وليتوسعوا نظرياً في هذا الرأي ما شاء لهم التوسع حتى يجعلوه شاملا للقبر الزكي والقبة الخضراء، ولتشغلهم رحلاتهم وما يشهدون فيها من منافع لهم، عن إصلاح سبل الرحلة الإسلامية المقدسة، ولكن ليعلموا أن العالم الإسلامي لا يسكت طويلا على هذه الحال ولا يرضى بأن يتصرف أهل نجد في الحرمين والبقعة المباركة التي ضمت جسد محمد ابن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه كما لوكانوا يتصرفون في مسجد من مساجد (الغُطغُط) أو مقبرة من مقابر عُنيزة.
محمد محمد المدني