/ صفحة 162 /
أنِزلَ القرآن على سَبعَة أحرُفٍ
للأستاذ عبد الستار أحمد فراج
المحرر بمجمع فؤاد الأول للغة العربية
كان من سماحة الإسلام أن أباح للعرب قراءة القرآن بلهجاتهم التي اعتادوها، وترك الألسن على سجيتها من إمالة وتفخيم وما شابه ذلك من طريقه أداء اللفظ بنغمة تخضع لعادة الإنسان اللغوية حيث لا يمكن الانسلاخ عنه بسهولة فالقبيلة التي اعتادت الأماله يكون من العسير عليها أن تنطق بالفتح، والقبيلة التي تسهل الهمزة، يكون من الشاق علها تكلف التحقيق.
فليس من الممكن التضييق على القبائل العربية بجعلها تجري على نهج واحد، وتسلك طريقاً بعينها مخالفة بذلك عادتها اللغوية، أو لهجتها، ودين الله يسر لا عسر، وهذه الإباحة أرشد إليها الحديث المرفوع (اقرءوا القرآن بلحون العرب وأصواتها) وفُهمت من أن الرسول قرأ فأمال)يحيى(فلما سئل في ذلك، قال: هذه لغة الأخوال بني سعد.
أما حديث أنزل القرآن على سبعة أحرف، فلم يكن مقصوداً به اللهجات التي هي عادة لغوية تتحكم في عضلات النطق، وكل توجيه لهذا الحديث على أنه يراد به لهجات القبائل، إنّما هو توجيه خاطئ، أو هروب خاطئ من معناه الحقيقي الذي تظاهره جميع الروايات الصحيحة لهذا الحديث. معلوم لكل إنسان أن القرآن لم ينزل دفعة واحدة، ولا في مكان واحد بل نزل منجها منجما في ثلاثة وعشرين عاما بمكة والمدينة وما حولهما، وكانت الآيات ينزل بها جبريل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فيتلقاها المؤمنون من فم الرسول، ويكتبها