/ صفحة 21 /
ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون، لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم، والله بما تعملون بصير).
جاءت هذه الآية مقررة للمبدأ الذي قررته سائر الآيات الواردة في الموضوع وتبين أوصاف هذا الصنف من المخالفين في الدين. الذي ينهانا الله عن مخالطته: ينهانا أن نتخذ خلصاء نعتمد عليهم فيما يعظم من شئوننا فنفضي إليهم بأسرارنا، ونستشيرهم في أمورنا، من قوم غيرنا لا يدخرون جهدا في إلحاق الضرر بنا، ومن أحب أمانيهم أن نقع في الشر والمكروه ونلاقي العنت والمشقة، قد انطوت قلوبهم على البغضاء وامتلأت بالحقد حتى فاضت على ألسنتهم، لا يبادلوننا حباً بحب ولا يوافقوننا فيما نؤمن به من الكتاب، فنحن نؤمن به كله، وهم يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض، وهم ينافقوننا، فإذا التقوا بنا ظهروا لنا بمظهر المودة، وقالوا آمنا، وإذا خلا بعضهم إلى بعض ظهرت عليهم أمارات الحقد والغيظ، ثم هم بعد هذا وذاك يفرحون بالشر يحيط بنا ويحزنون للخير يمسنا.
تلك أوصافهم، فيجب أن نتعرفهم بها، وأن نتدرع في مكافحتهم بالصبر والتقوى، فلا نأذن للوساوس أن تدفع بنا إلى موالاتهم، ولا نركن إلى الظواهر التي ترغبنا فيهم، وتخدعنا عن حقيقتهم، وتزين صحبتهم والانتفاع بهم، فإن الحزم أن يترك الخير المتوهم للشر المحقق، وقد ضمن الله لنا بالصبر والتقوى، السلامة من كيدهم والنجاة من شرهم.
* * *
هذه هي الآيات الثلاث التي اتسع المقام اليوم للتحدث فيها، ولنا عودة إلى التحدث عن بقية النداءات الواردة في هذه السورة.
فإلى العدد المقبل إن شاء الله تعالى.