/ صفحة 332 /
اعضاء الدولة فيما بينهم برابطة قوية وهي اعتناق هذه المباديء واتخاذها قاعدة لحياتهم في جميع وجوه النشاط الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، ويشترط قبولهم لهذه المباديء لأجل الاشتراك في سياسة الدولة.
ولم تعبر المسيحية عن هذه القاعدة إلا تعبيراً غامضاً لم يثمر، وجاءت الثورة الفرنسية بإشارات إلى ضرورة اعتماد الدولة على مباديء معينة، ولكن ما لبثت هذه الإشارات أن طوتها ظلمات العصبية القومية، وكذلك دعت الشيوعية إلى وجوب تأسيس الدولة على قواعد من الأفكار والمباديء، ولكن روح القومية طغى على هذه الدعوة وقضى عليها.
والحقيقة هي أن الإسلام هو العقيدة الوحيدة في العالم منذ فجر تاريخه حتى اليوم التي تدعو إلى تنظيم الدولة على أساس من المباديء يخلو من عناصر (العصبية القومية، وتدعو النوع الإنساني إلى تأليف دولة غير قومية، وذلك باعتناق مبادئها الصريحة.
وهذا ما يصعب على جميع الناس حتى المسلمين منهم ان يدركوه، والدليل على ذلك هو ما نشاهده اليوم في البلاد التي يكون للمسلمين فيها كثرة تمكنهم من تولي الحكم، فإننا نجد المتصدرين لأمور السياسة فيها لا يفكرون في نظم الحكم بغير تفكير الغربيين، وذلك لأنهم يستعيرون أفكارهم في الحياة من تاريخ الغرب وسياسته، والحكومة في نظر هؤلاء لا تعدو أن تكون على نظام الحكومة أو الدولة القومية، ذلك لأنهم لا يعرفون الإسلام، ولا يتصورون أن تقوم دولة على مباديء أخلاقية وروحية، بدلاً من أن تقوم على أساس الجنس والقومية.
الدولة الإسلامية هي التي تستبعد تقويم القبائل والطبقات والقوميات، ولا تنظر إلى الناس إلا باعتبارهم كائنات خلقية وروحية، وبتعبير آخر لا تنظر إليهم إلا باعتبار إنسانيتهم.
الخلافة الإلهية:
ويميز الدولة الإسلامية أيضاً مبدأ (السيادة) الإلهية، وخلاصة معناه: أن