/ صفحة 365/
إن الباب ليس مقفلا أمام الباحث، وله إن أراد التحري الدقيق أن يمحص تلك الكتب ويبحث حال الرواة، ويستعمل أساليب البحث العلمي الحر، ويأخذ بما في تلك الكتب أو لا يأخذ به، ويحكم على ما صححوه بأنه لا يعتمد عليه لكذا، وعلى ما نبذوه بالصحة بدليل كذا، وأمامه كتاب الله وهو الحكم المحكم يطرح ما يعارضه. أما أن يتصرف في كتاب أو أثر على هواه فلا يجوز، نعم لكل امرئ أن يؤلف كتاباً من عنده ولكن ليس له أن يتصرف فيما ليس ملكا له بل هو لصاحبه أولا، وبالتالي للمسلمين عامة، والأمانة العلمية تحتم علينا أن نوصله إلى أسلافنا كما تسلمناه.
ثم ماذا يكون الحال لو جاءت طبقة أُخرى من المولعين بالنقد والتحليل والغربلة فزعمت أن في القرآن ما لا يوافق العلم، أو أن فيه ما يجافي الذوق أو يخالف الطب أو ما لا يعرفه علماء الهيئة، أتراهم أيضاً يحاولون غربلة للقرآن وقصره على ما يوافق عقولهم؟
وأكرر ما قلته وهو أن من المحتمل أن يكون فيما نتداوله ونقل عنه ونستند إليه من كتب الصحاح شيء من الاسرائيليات أو ما املته شهوات الحكام وميولهم أو ما حكمت فيه بعض الاتجاهات، ولكني أعارض أشد المعارضة في حذف كلمة مما وصل الينا، وأكرر ما سبق أن ناديت به وهو أن الثقافة الإسلامية والتراث الإسلامي على اختلاف الطوائف والمذهب ملك للمسلمين جميعاً.