/ صفحة 366/
من اجتهادات الشيعة الامامية
لحضرة صاحب الفضيلة
الأستاذ الشيخ محمد جواد مغنية
رئيس المحكمة الشرعية الجعفرية العليا ببيروت
ــــــــ
منذ سنوات، وأنا أنشر بين حين وحين مقالات رجوت فيها شيوخ المسلمين من سنيين وشيعيين أن لا يحصر كل فريق دراسته الفقهية في مذهب آبائه وأجداده.
ولم يكن الباعث لي على تأكيد هذا الرجاء الرغبة في التقريب بين المذاهب الإسلامية فحسب، وإن كنت من المتطوعين في هذى السبيل، وإنما غرضي الأول أن يرتكز درس الشريعة الإسلامية على أساس إسلامي صرف، لا مذهبي، كي لا تكون الشريعة بلون يخفى جمالها وحقيقتها، وتجنس بجنسية تقيم الحدود والسدود بين بني الإنسان، بل بين أبناء الدين الواحد.
لقد نشأت المذاهب، وتعددت بعد الإسلام ونبي الإسلام، نشأت في ظروف سياسية، لعاية دنيوية، ليست دينية تهدف إلى التفريق والشتات، ونشأ الإسلام في طرفه الطبيعي، لغاية انسانية تهدف إلى الإخاء والمساواة؛ فالتعصب لفقه مذهب خاص تعصب للسياسة المحرفة التي تمخضت عن ذلك المذهب.
إن الشريعة الإسلامية لم تستخرج من الوهم والخيال، بل لها أصول مقررة لا يختلف عليها مسلمان، مهما كان مذهبهما، وإنما الخلاف والجدال بين المذاهب حصل فيما يتفرع عن تلك الأصول، وما يستخرج منها، فالعلاقة بين اقوال المذاهب الإسلامية هي العلاقة بين الفرعين المنبثقين عن أصل واحد.