/ صفحة 432/
بعد أيام قليلة، وتبقى فكرة الحسين ـ وليدة الدم ـ مخلدة ساطعة لكل ذي بصيرة ويبقى دويها يردد في سمع الدهر باسم البطولة والعظمة ليحطم عواصف الخنوع والذل والاستسلام والاستعباد.
ولم تلبث فكرة يزيد أن اندحرت، وأصبحت أثراً بعد عين، وحلماً ممن الأحلام الغابرة، وانهزمت مبادئه أمام مبادئ الحسين، ورجع بعدها يزيدٌ خاسئاً نادماً على فعله وعمله.
فهما فكرتان: فكرة الحسين وفكرة يزيد، كان هدف أولاهما: حفظ قانون جده، ونشر مبادئه وتعاليمه، وكان تصرف أخرهما: مؤدياً إلى إيجاد فكرة قبال فكرة محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)، وخنقها في مهدها، وهي بعد في مقتبل الحياة.
فكرتان تصارعتا في ميدان المعركة، أو قل مبدآن تصادما في معمعة القتال، نتيجة تنازع البقاء، غير أن الانتصار النهائي والغلبة الباهرة كانت للمبدأ الأصلح، والفوز المبين للجوهر الأرجح، ليخلد ويبقى قانوناً أبديان يحمل عنواناً حسينياً، باقياً على مر العصور، وفق القاعدة المقررة، قاعدة بقاء الأصلح التي هي نتيجة تنازع البقاء.
فكان مبدأ يزيد ـ إن صح إطلاق المبدأ على فكرته الخاطئة ـ أشبه بالزبد الذي سرعان ما يذهب جفاءً، وكان مبدأ الحسين هو الذي ينفع الناس فيمكث في الأرض، سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا.
وإذا تنازعت البقاء (مبادئ) ***** صح الأصح بقاؤه والأصلح