/ صفحة 45 /
تقريب الأقطار الإسلامية
لحضرة الفاضل الأستاذ عبد الحليم كاشف الغطاء
بعد الحرب العالمية الأولى تسهلت طرق المواصلات بين أرجاء العالم، بانتشار وسائل النقل الحديثة، كالقطار والسيارة والباخرة والطائرة، وكان من اللازم أن يزداد التزاور والتنقل والتقارب بين الأقطار الإسلامية، ولكن مع الأسف لم يحدث ذلك بل حدث ما هو عكس ذلك بأن ضعفت الصلة بين الأقطار الإسلامية بسبب زيادة تدخل الدول الأوربية في الممالك الإسلامية وتقسيمها إلى مناطق مستعمرة أو مناطق نفوة بين المستعمرين، فوضعت جوازات السفر والقيود الشديدة على المسافرين، ورسوم الجمارك الباهظة على البضائع، وضعف التبادل التجاري والتعاون الثقافي، وفي الحقيقة انعزالت بعض الأقطار الإسلامية انعزالا تاما عن غيرها، مثل تونس والجزائر ومراكش وطرابلس الغرب، وتركيا والقفقاس وتركستان وفقي القديم كانت الصلات السياسية والثقافية والتجارية أقوى منها في الوقت الحاضر للأسباب الآتية:
1- لم تكن الأقطار الإسلامية مقسمة سياسياً إلى هذه الدرجة، بل نشأت في أزمان مختلفة دول إسلامية كانت تحكم مناطق واسعة كالدولة الأموية، وصدر الدولة العباسية، والبويهية، والسلجوقية، والفاطمية، والصفوية، والعثمانية، وغيرها.
2- لم تكن قيود على السفر والتنقل، وقام في الماضي كثير من العلماء والشعراء برحلات واسعة في الأقطار الإسلامية منهم: أحمد اليعقوبي، أبو على القالي صاحب الأمالي، على المسعودي المؤرخ، أبو عبد الله المقدسي،