/ صفحة 436/
السامية، وغايتك الشريفة، التى ظاهرك عليها، وأيدك فيها اخوان أعزة كرام لهم شأنهم ومركزهم في شعوبهم وفي المسلمين عامة.
إنني أحب (رسالة الإسلام) وامتلاء فخراً ومباهاة بها، وبالفكره التي تدعوا إليها، ولكنى عندما أنظر إلى المسلمين بقومياتهم المختلفة، وألوانهم المتباينة، وبيئاتهم المتفاوتة، أجدهم يهتمون بأمور ليست صالحة لهم، وليسوا صالحين لها، كأنهم لم يعرفوا الحياة الحاضرة، ولم يسمعوا بما يملاء أقطار الدنيا الآن من المخترعات النافعة الجبارة، أو الضارة الهدامة، ولم يقفوا على السياسة العامة، والاطماع العظيمة التي تدور في خلد زعماء البشرية اليوم، ولم يعلموا أنهم اللقمة السائغة، التي تتحلب لها أفواة كثير من الوحوش الكاسرة.
كنت أحسب أن هذا التغافل، وهذا التناوم، وهذا التعامى، إنّما هو من آثار الاستعمار فحسب، ولكن التاريخ يرشدنى ويثبت لى أن المسلمين منذ بدء نهضتهم اهتموا بالامور المحلية، وضحوا المصالح العامة، وإنّما عظمة الدين وسبأت أمم العالم قد مهدا لهم العيش الكريم في الدنيا بضع قرون، لقد عاشوا حياتهم كلها في حروب داخلية، وثورات دموية، نعم الاستعمار كان دائماً يفحص عن نقاط الضعف في الأُمة، فإذا وجدها أنماها وتعهدها وسقى بذورها....
... ومن العجيب أن الكل الآن منفقون على أن القوانين المالية والجزائية يجب ألا تكون اسلامية، لانها لا توافق المصالح الحاضرة وقد يصح أن نسألهم ما ذا يعنون من الحكومة الإسلامية هل هي التي تقيم العبادات والاحوال الشخصية؟ فإن الحكومات المسلمة كلها متفقة في هذه، وهلايقف العاقل متعجباً من هذه الأُمور التي تجرى في هذا المحيط العظيم وتؤدى إلى تعطيل جهازه واهمال مصيره.