/ صفحة 67/
قراءة ما بين السطور
لحضرة الدكتور محمد البهى
أستاذ الفلسفة بكلية اللغة العربية
يعيش الفرد من الإنسان عادة في حياتين: يعيش مرة في الحياة العامة، وهي حياة واقع الناس جميعا وواقع الجماعة التي تضمه مع غيره، ويعيش مرة أخرى في حياة خاصة به هي حياة الامل. والحياة الاولى، وهي الحياة العامة الواقعية، حياة جامدة صلبة تنعدم فيها المرونة، وواضحة مكشوفه لا يضللها ستر ولا غطاء. والحياة الثانية، وهي حياة الامل، على العكس من سابقتها: تقبل المد والجزر، وتخضع للانفراج والاتساع والضيق والانكماش، كما تظلل بحجب تختلف كثافة ورقة.
والانسان في الحياة الاولى يدفع على السير فيها دفعا، لا ارادة له فيه غالبا، ويحدد له طريق السير دون أن يختاره أو يقف على معالمة العامة، بينهما يرى في الثانية، وهي الخاصة به، الملجأ الذي يقصد إليه عن ارادة وكذا عن حب وميل نفسى نحوه.
والنوعان من الحياة من ضرورات وجود الإنسان، سواء لوجوده الشخصى أو وجوده النوعى، أو هما من املاء وجوده وطبيعة حياته. لأن حياة الواقع إذا قست أو قسى القدر المهيمن عليها على الفرد، وشعر الفرد بأن نصيبه منها هو النصيب البخس - كانت الحياة الثانية وهي حياة الامل مجال العوض الكافي عما يشعر به من غبن أزاء ما قدر له من نصيب في حياة الواقع، فحياة الامل مصدر لا ينفد يستمد منه الفرد قوة النبض في استمرار سيره في حياة الواقع، وبالتالى فيها نوع من الصرف له عن اليأس في الوجود من عقبات الواقع، وفيها نوع آخر