/ صفحة 72/
أتى به من تصرف تطبيقا له هو المقصود منه، فيعيد تلاوته مرة أخرى ثم ثالثة أو أكثر من ذلك. وفي كل تلاوة يكون فهمه لـ ((ما بين السطور)) ليس بعيدا فحسب عن المعنى الوضعى للتراكيب بل يختلف مع سابقه ولا حقه في مرتبة التشدد والتضييق.
والوسوسة في العبادة ظاهرة نفسية أساسها سيطرة الخشية والخوف عند العابد. وعن مثل هذه الخشية وهذا الخوف نشأت قراءة ((ما بين السطور)) عنده.
والرسول صلّى الله عليه وآله وسلم عند ما قال: ((من شدد شدد عليه)) لم يرم إلى أكثر من أن يؤكد المعنى المقصود من قوله: ((إن الدين يسر لا عسر)) . ومعناه أن يترك الإنسان نفسه في العبادة وفي المعاملة على فطرتها وسجيتها الخالصة، دون التواء في فهم أوامر الدين ونواهيه، ودون تزمت في تأدية رسومه، ومعناه أيضا أن يحول دون أن يجعل للدين ظاهرا وباطنا، ومعناه كذلك ترك قراءة ((ما بين السطور)) في فهم الدين.
* * *
واذن قراءة ((ما بين السطور)) تعبير عن حالة نفسية باعثها أمل أو خوف. وهي من ناحية اللغة تأويل غير جار على المتعارف المألوف في دلالات ألفاظها وتراكيبها، وهو أقرب إلى أن يكون معنى رمزيا أكثر من أن يكون مدلولا وضعيا على سبيل الحقيقة أو متعارفا على نحو من المجاز.
ان أكثر المحرفين للكلم عن مواضعه اما أصحاب أمانى، أو ضعاف الثقة بأنفسهم، ومن جهة أخرى أصحاب الامانى أرباب خطوات واسعة في الحياة، وضعاف الثقة بأنفسهم مترددون متشككون.