/ صفحة 97/
تجد هذين الاتجاهين واضحين في الفن، فهذا فن يتجه الاتجاه الوثنى، ويستوحى الفن الاغر بقى القديم في النحت والنقش والتصوير، وهذا آخر يستمد من تعاليم المسيحية طالع رسمه ونقشه وتصويره، وفي الادب تجد الادب الطليق المتحرر ينشد الجمال في كل شيء، ويستثير احساس الإنسان. وتجد إلى جانب ذلك الادب المسيحى الذي يحاول أن يلفت الإنسان إلى عظمة المسيح وخلفائه، ويوجهه إلى نوع خاص من السلوك الفاضل، أساسه تمجيد الدين ورجال الكنيسة ليضمن النجاة في الآخرة من العذاب عن طريق
الكنيسة، لانها الطريق الوحيد لذلك.
ولقد تأثر بذلك الكتاب السياسيون، فمنهم من اتجه ببحوثه إلى التحرر من سلطان الكنيسة وتحرير الدولة منه، ومنهم من اتجه الاتجاه الكنسى الذي يجعل البابوية (الكنيسة) فوق الامبراطورية، والبابا سيدا للامبراطور، وقام نضال دموى بين الاتجاهين، وتميزت نظريات في السياة لرجال الدنيا(الدولة) ونظريات أخرى لرجال الدين (الكنيسة) وتناول ذلك أصل الدولة، وما يجب أن تكون عليه لتحقيق السعادة للناس ولتكون دولة خيرة!
وإذا كانت الكنيسة قد انهزمت آخر الأمر في كافة الميادين، فإن ذلك كان راجعا إلى أمرين اثنين:
الأول: طبيعة الدين المسيحى، الذي جاء تكملة للتشريع الموسوى في بعض النواحى فلم يقبله اليهود، وظلوا بشريعة ناقصة، ولم يشأ المسيحيون الاخذ بالاصول الموسوية التي في أيدى اليهود، وعاشوا بديانة لا تشريع لها، وخلو المسيحية من التشريع الذي يواجه ضررويات الحياة، واضطراب تعاليمها، جعلاها عاجزة عن مواجهة التطورات السياسية والاجتماعية، غير صالحة لتعزيز وثبات الاصلاح، فلما لم تسعف طلاب الاصلاح بما يريدون، اضطر بعض المستنيرين من رجال الدين الذين فهموا الحياة الجديدة، إلى القيام بثورة اصلاحية كان لها بعض الاثر في التحرر الفكرى، والحط من قداسة رجال الدين بعد نشر مثالبهم، ومن هؤلاء: لوثر، وكلفن، وغيرهما، ومع هذا فقد ظلت المسيحية عاجزة عن معونة