/ صفحه 158/
الإسلام وفكرة الزهد
لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ محمد جواد مغنيه
رئيس المحكمة الشرعية الجعفرية العليا ببيروت
تعرضت كتب التاريخ والتراجم لسيرة الملوك والامراء، وقادة الجيش، ولم تتعرض بالذات لحياة الجماهير
من خلال دراسته لحياة القاده والحكام، لان حياة هؤلاء وتاريخهم يرتبط ارتباطاً تاما بالحياة الأجتماعية، وتاريخ المجتمع على أن المؤرخين وأصحاب السير قد ترجموا لعدد كبير من الشعراء ورجال الدين وعلماء اللغة الذين عانوا آلام البؤس والشقاء، ترجموا لهم لانهم من أهل الدكاء والمعرفة، لا لانهم من ذوى الفقر والفاقة، فمن هؤلاء:
عبدالوهاب بن على المالكي كان بقية ذوى الفضل، وقد ضاق به العيش في بغداد فهجرها، ولدى خروجه شيعّه خلق كثير من سائر الطوائف، فقال لهم: لو وجدت بين ظهرانيكم رغيفين في كل غداة ما عدلت ببلدكم بلوغ أمنية. ومنهم الاخفش الصغير على بن سليمان النحوى عاش أياماً على الفت النبي ء حتى انتهت به الحال إلى أن مات جوعا، ومنهم الخليل بن أحمد النحوى العروضي الشهير كان يقيم في خص من أخصاص البصرة لا يقدر على فلسين، والخص خيمة من القصب، ومنهم أبو الطيب الطبرى طاهر بن عبدالله كان شيخ الشافعية في عصره وبلغ من العمر مئة وستين سنة صحيح العقل والفهم والاعضاء، يفتي ويقضي ويدرس، كان له ولاخيه عمامة وقميص، إذا لبسها هذا جلس الاخر في البيت وإذا أرادا غسلها جلسا فيه معاً، وفي ذلك قال الشاعر: