/ صحفة 118 /
جعلت شخصاً واحداً يقف أمام قوم من الصناديد العتاة الذين يقدسون آلهتهم وما ورثوه عن آبائهم، فيحولهم إلى جنود مؤمنين بفكرته، متفانين فيها، يغزون بها العالم؟ أية قوة هذه التي استطاعت أن تفعل هذا كله في سنوات معدودات، وأي نور هذا الذي انبثق من غار حراء فأضاءت به مشارق الارض ومغاربها؟
ان الصفات التي قامت عليها البطولة المحمدية كثيرة، حسبنا الآن أن نشير إلى صفة منها هي الينبوع لما سواها، وهي التي يجب على كل صاحب فكرة يريد لفكرته النجاح أن يتصف بها، تلكم هي أنه، صلى الله عليه وآله وسلم، كان مؤمناً بدعوته تمام الايمان، ولم يكن يبتغي بها جاها ولا مالا ولا ملكا، وايمان الداعي بدعوته هو الأساس الأول لنجاحها، فقد رأينا كثيراً من الدعاة يخفقون لأنهم فقدوا هذا العنصر، فكانوا إذا بدا لهم بريق المطامع نكصوا على أعقابهم مفرطين في مبادئهم، مؤثرين عليها أنفسهم وأهواءهم، ولكن محمداً صلى الله عليه وآله وسلم ثبت على دعوته أمام جميع العوامل، فصبر على الايذاء والاستهزاء، والمقاطعة والحصار، وتعذيب الأصحاب والأنصار، والمؤامرات التي كانت تدبر له، وصبر على المغريات التي كانوا يغرونه بها: وقد بلغ من أمرهم في ذلك أنهم عرضوا عليه الملك والمال الكثير!
* * *
أما بعد، فهذا سطر من سطور (البطولة المحمدية، والبطولة المحمدية كتاب مشرق الصفحات ما يزال الناس يطلعون منه على جديد رائع، وينتفعون منه بالقدوة الصالحة، والأسوة الحسنة:
(لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً).
محمد محمد المدني