/ صحفة 143 /
الدين في معترك السياسة العالمية
لحضرة صاحب السماحة العالم الجليل الاستاذ محمد تقي القمي
السكرتير العام لجماعة التقريب
الدين قوة منذ وجد، ومثل تلك القوة كمثل آية قوة تظهر في الأرض فينبرى لها المعارضون والخصوم بغية القضاء عليها، ويتجه اليها الطامعون والمستغلون رغبة في استغلالها لمصالحهم، وفي هذا قضاء على مثله العليا وجوهر رسالته السامية.
والمتتبع لتاريخ الأديان يلاحظ أن أخطر خصوم الدين في كل عصر، جاحد ينكره، أو مستغل يريد أن يسخره، وأمامنا على ذلك أمثلة من التاريخ.
فقد طالما رأينا الدين في حرب مع منكريه، ورأيناه في خصام مع مستغليه، ورأينا الحكام والسياسات تلتمس فيه سنداً وعوناً، ورأيناه في خدمة حاكم أو سياسة، والويل للدين ان استغل في خدمة أشخاص أو سياسات.
والتاريخ يحدثنا عن الحروب الدامية بين الدين ومنكريه، وعن ملوك حكموا باسمه، لا اعتناقا لمبادئه، بل استغلالا لقوته الهائلة كي يظفروا على عدوهم، أو يطمئنوا على مجدهم ونفوذهم، ويعيشوا بعونه في راحة وهناءة.
وكان الحكام يخالطون الكهنة أو يندمجون فيهم لا لشيء الا رغبة في السيطرة على النفوس باسم الدين كي يجذبوهم إلى خدمتهم في شتى الميادين.
وكان الملوك يهدفون إلى تسخير الدين حين كانوا يتشحون بأثواب القداسة ويرأسون الديانات. وقد أسرف بعضهم في ذلك وحاول أن يفيد من ديانتين