/ صحفة 256 /
3ـ تتمثل الظاهور الخلقية في قواعد للتفكير والعمل الإنساني معا. فالنظام الخلقي وجب على المرء أن يعتقد أنه من الواجب عليه أن يعاون أخاه ويحب له الخير. وأنه لا يصح له أن يغتابه، ولا ان يشي به، ولا ان يخدعه، ولا أن يكذبه... أي يوجب عليه أن يفهم هذا النوع من العلاقات فهماً خاصاً ويصب (تفكيره) بشأنه في قالب يتفق مع القواعد التي ارتضاها العرف الخلقي لمجتمعه، والنظام الخلقي يوجب على المرء كذلك أن يأتي الأعمال التي تتفق مع هذه المفاهم والقواعد، ويجانب كل مسلك يتنافر معها، أي يوجب عليه أن يصب (أعماله) المتعلقة بهذه النواحي في قوالب خاصة حددها المجتمع لهذا النوع من السلوك.
ولا تكمل أخلاق المرء الا بالتزام الناحيتين معاً: ناحية التفكير والفهم والعقيدة، وناحية العمل والسلوك والتطبيق. فمن اتفق تفكيره مع النظام الخلقي أي فهم العلاقات الخلقية على الوجه الذي ارتضاه مجتمعه، فاعتقد أنه من الواجب عليه أن يعاون أخاه ويحب له الخير، وألا يغتابه ولا يشي به ولا يخدعه ولا يكذبه... ولكنه لم يلتزم هذه القواعد في أعماله وسلوكه يعتبر خارجا على النظام الخلقي متعدياً حدوده، وكذلك من اتفق مسلكه مع النظام الخلقي بدون أن يكون مؤمناً به، أي بدون أن يكون هذا النظام متفقا مع ما يعتقده هو بصدد الخير والشر، فانه يعد مرائيا منافقاً ساقط الأخلاق.
وإذا كان من الممكن للمجتمع وسلطاته وللرأي العام مراقبة أعمال الافراد وسلوكهم ومقاومة المنحرف منها، فانه من المتعذر في معظم الأحيان الوقوف على عقائدهم وفهمهم ونواياهم، ومراقبة اتجاهاتهم النفسية، ومقاومة ضلالهم في التفكير الخلقي.
4ـ ومع أن النظام الخلقي ـ كما استبان من الخواص الثلاث السابق ذكرها ـ لا يلقي حراسة كافية من جانب العقل ولا القانون ولا الرأي العام، فان له في حياة المجتمعات أهمية لا تعدلها أهمية أي نظام آخر من نظم الاجتماع، فبانهيار