/ صحفة 407 /
لم يواظب عليها مواظبة من يشتاق إلى الأفعال الجميلة، وينعم بها ويكره الأفعال القبيحة، ويتألم لها كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((وجُعلت قرة عيني في الصلاة)). ومهما كانت العبادات وترك المحظورات مع كراهة واستثقال فهو النقصان.. وإنما مقصود العبادة تأثيرها في القلب، وإنما يتأكد تأثيرها بكثرة المواظبة عي العبادات)).
فهنا في السبيل والطريق الذي رآه الغزالي موصلا لتحصيل الفضيلة أمسك بطرف من الدين وطرف آخر من العقل. ربط العبادات في صورتها الإسلامية بمنهج تكوين العادة في الإنسان، وهو ما سماه الرياضة النفسية والمجاهدة الروحية.وأولى مراحل تكوين العادة في منهج تكوينها إدراك العقل لما يطلب أن يكون عادة للإنسان، وحمل النفس بالإرادة على الإتيان به، ثم بعد تكراره يصبح عادة ويستغني عندئذ عن الادراك والإرادة. فهو قد ربط هنا بين الدين والعقل، كما أوضح أن كلا منهما يتوقف عليه الطريق السليم لتحصيل الفضيلة.
نعم هو وإن ربط بي الدين والعقل في ذلك، وجمع بين العبادة والمجاهدة، إلا أنه أسهب كثيراً في آثار المجاهدة، وفيما تستطيع أن تأتي به من تكوين العادات المطلوبة، والاقلاع عن العادات الأخرى غير المرغوب فيها. ولعله كان يعرف أن قبول العبادة أيسر لدي النفوس من محاولة الرياضة والمجاهدة، بحكم أن العبادة دين وقد استقر أمره في النفوس باعتبار أنه عقيدة. أما الرياضة فلأنها متكلفة أول الأمر قد يحجم عنها الناس لسبب ولغير سبب. ولذلك نراه في غير موضع يبسط أولا إمكان الرياضة. وثانياً: النتائج الحتمية التي تأتي بها، فمثلا يقول: ((واعلم أن بعض من غلبت عليه البطالة استثقل المجاهدة والرياضة، والاشتغال بتزكية النفس وتهذيب الأخلاق، فلم تسمح نفسه بأن يكون ذلك لقصوره ونقصه وخبث دخيلته، فزعم أن الأخلا قلا يتصور تغييرها، فإن