/ صحفة 7 /
لا يدفعه الا اجلال آمره، واعتقاده الجازم المخلص في وجوب النزول على أمره كائنا ما كان ذلك الأمر.
يوحى الينا بهذا قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب) فالغاية الأولى من هذا التشريع هي (الابتلاء) أي الاختبار والامتحان، والهدف الذي يرمى إليه هذا الامتحان هو بيان من يخاف الله تعالى بالغيب، أي وهو بحيث لا يراه أحد من الناس، ولا يشعر الا برقابة مولاه، أو بحيث غابت عنه حكمة الأمر، ومصلحة التشريع، فلم يقف عليها، فهو في غيب منها، ولا شك أن المحرم إذا مر به صيد، وكان من السهل عليه أن يناله بيده أو رمحه، وهذا الصيد مما يحل له في الأصل، ومما تشتهيه نفسه، ومما تدعو إليه حاجته الطبيعية، حيث هو في الغالب مسافر نازح عن دياره، قليل الزاد، يعالج نوعا من الحرمان، وتهفو نفسه إلى لون من المتاع ميسر له، قريب المتناول منه، لا شك أنه في هذا الجو النفسي يرى الصيد فرصة له وأملا من آماله، فإذا قيل له دع هذه الفرصة، واصرف نفسك عن هذا الأمل، وقاوم جميع ما تشعر به من المغريات بوازع من نفسك، وبعاطفة من قلبك، فانه يكون قد وضع بذلك في موقف امتحان عسير، إذا اجتازه بنجاح كان ذلك من جهة أمارة على صدق إيمانه وأمانته، ومن جهة أخرى تهذيباً نفسياً قويا، وتربية وتدريباً على التضحية بما للنفس فيه حظ، نزولا على إرادة مختبرة ومبتليه، ودون اكتراث بخولته، أو بما غاب من حكمته.
الاحكام التعبدية نوع من الاختبار:
هذا النوع من التكاليف جاءت به الشريعة الإسلامية في بعض أحكامها، تهذيباً للنفوس، ورياضة لها على الطاعة والامتثال، وهذا ما يعرف في لغة الفقهاء بالاحكام التعيدية، وتراه كثيراً في أحكام الحج، من الاحرام والطواف ورى الجمار، وتقبيل الحجر الأسود ونحو ذلك. وله نظار في التشريعات السابقة،