/ صفحه 143/
كيف يستعيد المسلمون وحدتهم وتناصرهم
لحضرة صاحب الفضيلة الاستاذ الجليل الشيخ محمد عرفه
عضو جماعة كبار العلماء
-3-
كتبنا فى مقال سابق سبباً واحداً من أسباب تفرق المسلمين، وتصدع وحدتهم و اختلافهم على أنفسهم، فبعد أن كانوا أمة واحدة أصبحوا أمما مختلفة يناوىء بعضها بعضاً، وهذا السبب هو سبب طبيعى، وهو أنهم دانت الارض لهم، وسقطت المقاومة الخارجية فأصبحت مقاومتهم داخلية يقاوم بعضهم بعضاً، ويحذر بعضهم بعضاً، وذهبت تلك الحوافز التي تجمع القلة لدفع الخطر الخارجى وبينا أن ذلك السبب وان كان طبيعاً فانه يمكن التحرز منه بالفطنة له واتقاء غوائله، وأنه في هذا الزمن قد زال، فإن أمماً كثيرة قد تنبهت، وضربت في الحضارة بسهم وافر، و تقدمت في العلوم والمعارف، وتغلبت على الامم الاسلامية، وملكت بلادها، و استولت على خيراتها، وأصبحت المقاومة الخارجية موجودة ولا يحتاج الامر الا الى التنبه لها، وتوجيه المقاومة نحوها.
وفي هذا المقال نذكر سبباً آخر لتفرق المسلمين وتصدعهم وهو سبب صناعى لا طبيعى، وان الحادثة الاتية التي رواها الطبرى في تفسيره تبين لنا هذا السبب:
روى أبوجعفر بسنده عن زيد بن أسلم قال: مرشاس بن قيس - وكان شيخاً قد عسا في الجاهلية، أى كبر، عظيم الكفر، شديد الضغن على المسلمين، شديد الحسد لهم - عن نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الاوس و الخزرج في مجلس قد جمعهم يتحدثون فيه فغاظه ما رأى من جماعتهم وألفتهم