/ صفحه 144/
وصلاح ذات بينهم على الاسلام بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية فقال: قد اجتمع ملا بني قيلة بهذه البلاد والله ما لنا معهم اذا اجتمع ملؤهم بها من قرار، فأمر فتى شاباً من اليهود - كان معه - فقال: أعمد اليهم فاجلس معهم و ذكرهم يوم بعاث وما كان قبله، وأنشدهم بعض ماكانوا تقاولوا فيه من الاشعار - وكان يوم بعاث يوماً اقتتلت فيه الاوس والخزرج وكان الظفر فيه للاوس على الخزرج - ففعل، فتكلم القوم عند ذلك فتنازعوا وتفاخروا حتى تواثب رجلان من الحيين على الركب فتقاولا، ثم قال أحدهما لصاحبه: ان شئتم والله رددناها الان جذعة وغضب الفريقان وقالوا قد فعلنا ! السلاح السلاح! موعدكم الظاهرة! والظاهرة: الحرّة- فخرجوا اليها وتحاور الناس، فانضمت الاوس بعضها الى بعض، والخزرج بعضها الى بعض على دعواهم التي كانوا عليها في الجاهلية فبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فخرج اليهم فيمن معه من المهاجرين من اصحابه حتد جاءهم فقال: يا معشر المسلمين الله الله أبدعوى الجاهلية - وأنا بين أظهركم بعد اذ هداكم الله الى الاسلام وأكرمكم به وقطع به عنكم أمر الجاهلية واستنقذكم بهمن الكفر وألف به بينكم - ترجعون الى ما كنتم عليه كفاراً؟! فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان وكيد من عدوهم، فألقواالسلاح من أيديهم، وبكوا وعانق الرجال من الاوس والخزرج بعضهم بعضاً، ثم انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سامعين مطيعين قد أطفأ الله عنهم كيد عدو الله ((شاس ابن قيس)) وما صنع، فأنزل الله في شاس بن قيس وما صنع قوله عزوجل: ((قل يأهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون، قل يأهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجاً وأنتم شهداء وما الله بغافل عما تعملون، يأيها الذين آمنوا ان تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد ايمانكم كافرين، وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليم آيات الله وفيكم رسوله، ومن يعتصم بالله فقد هدى الى صراط مستقيم؟)).
من ذلك يعلم أن الاخوة الاسلامية من قديم جداً، من عهد النبى صلى الله عليه وسم كانت غرضاً لاعداء الاسلام والمسلمين يرمونها بسهامهم ليضعفوا منها، و انهم ليتوسلون الى ذلك بالحيل الغامضة والمداخل الخفية.