/ صفحه 244/
منها ما هي إلحادية صريحة، ومنها ما تؤيد الدين في الظاهر وتهدمه في الحقيقة، وقد يلبس الإلحاد مظهر الدين وتبرز الأخرى عداءها له حسب المصالح والأهواء.
وهذه السياسات هي التي ضخمت الخلافات بين المسلمين، ولا تزال تغذي إلى الآن هذه الناحية، تارة بنشر البحوث باسم الاستشراق، وتارة بتشجيع النشرات المفرقة، كما تظهر الأمة الإسلامية بمظهر الامم المختلفة والحال أنها أمة واحدة.
فلماذا لا نتسلح نحن بهذا السلاح، فنتناول بالبحث ما يتناولونه لكي يقف المسلمون على الحقائق فلا يتأثرون بما يقرأونه للمغرضين من عملاء السياسات المفرقة وبذلك ندفع عن ديننا ما يشوه سمعته، وندرأ عن أمتنا ما يمزق شملها؟.
لماذا لا ندرس أحوالنا، ونتعرف شئوننا، ونحدد موقفنا من العالم؟.
لماذا يقف الكثير منا في بحوثهم عن الطوائف الإسلامية عند ما كتب قبل قرون عن الملل والنحل بما فيه من خبط وتشويه، بدل أن ننظر حولنا ونتعرف ما في مجتمعنا ونأخذ عن الواقع الراهن.
إن خطر هذه السياسات على مجتمعنا الإسلامي ظاهر واضح، والحرب الأخيرة لا تزال آثارها ـ من انحلال خلقي وتحلل ـ تعمل عملها، والدين هو القوة الفعالة التي يمكن أن تنقذ البشرية مما تردت فيه، ولكن المثل وحدها لا تسود إلا إذا حملها دعاة مخلصون يجلونها للناس، ويبرزونها للأعين. ورجال الدين هم أهل هذه الرسالة، والمسئولون عن هذه الأمانة، فإن توانوا أو قصروا فستظل السياسات تعبث بنا، وتعمل عملها فينا، وتفرق كلمتنا، وتحطم كياننا، وإذا كانت في الماضي القريب قد أوجدت فرقا وألصقتها بالاسلام زوراً، فإنها في المستقبل سترمينا بما هو أدهى وأمر، ولن ينجينا من المصير المحتوم إلا أن نهب ونعمل لنصل ما انقطع بين العلم والدين، وليكن شعارنا:
المدرسة بجانب المسجد.