/ صفحه 286/
ومن أعراض عقدة النقص بالكمال والبعد عن النقص، وهذا واضح في جواب المنافقين للمؤمنين، قال تعالى: " وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض " فالتهمة هنا الإفساد في الأرض، فكان الجواب الطبيعي لرد هذه التهمة أن يقولوا: نحن لا نفسد في الأرض، ولكنهم تظاهروا بما هو أسمى من ذلك، ووصفوا أنفسهم بالكمال والإصلاح، فضلا عن تبرئهم من الافساد، فقالوا في صيغة التأكيد والحصر: " إنما نحن مصلحون " ولا عمل لنا إلا الإصلاح.
وهكذا كلما عرضنا القرآن على الجوانب النفسية، ونظرنا إلى سننه من آفاق الحياة الإنسانية ظهرت أسراره وأشرقت أنواره وسحرت آياته واستبدت بالعقول عجائبه وتملكت القلوب محاسن بلاغته.
" قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا ".