/ صفحه 127/
وهي متولدة عن حياة النمو والتطور، وهي التي عبر القرآن عنها بالخلق الآخر، وعبر عنها الحديث بنفخ الروح، والقرآن دائما يدور محور إرشاده حول المرئيات والمشاهدات التي تقع عليها أبصار الناس جميعا، ويعلمونها جميعا، أما ما وراء ذلك من خفيات السنن التي لايدركها إلا أرباب البحث والنظر فإنه يتركها للبحث والنظر، ومتى ظهرت عن طريق البحث الصادق والنظر المكتنه للحقائق، أوجب عليهم أن يرتبوا الأحكام والآثار:
حكم القصاص من قاتل ولده:
هذا، ويجدر بنا في هذا المقام أن نعرض لمسألة الحكم الدنيوي، وهو القصاص بالنسبة لقاتل ولده، بعد أن وضعت الآيات أساس عقوبته الأخروية، بتحريمه والنهى عنه، ونجمل القول في ذلك فيما يأتي:
ذهب جمهور العلماء إلى أن الوالد لا يقتل بولده، واستدلوا بحديث يروى في هذا المقام وهو: ((لا يقاد والد بولده)) أو ((لا يقتل والد بولده)) وكذلك استدلوا بأن عمر بن الخطاب لم يقتل الوالد بالولد مع حضور الصحابة، ولم يخالفه أحد منهم. وذهب جماعة، منهم الإمام مالك إلى أنه متى تعمد قتله، وخلا القتل عن الشبهة، قتل به لعموم آيات القصاص.
ونسوق هنا ملخص ما كتبه ابن العربي في هذه المسألة، قال:
هل يقتل الأب بولده لعموم آيات القصاص؟ قال مالك: يقتل به إذا تبين قصده إلى قتله، بأن أضجعه وذبحه، فإن رماه بالسلاح لا يقتل به لاحتمال الحذق أو التأديب، وذلك لوجود معنى الشفقة الطبيعية التي تضعف احتمال القصد وخالفه سائر الفقهاء، وقالوا: لا يقتل به، وقد سمعت شيخنا فخر الإسلام أبابكر الشاشي يقول: في النظر لا يقتل الأب بابنه لأنه سبب وجوده، فكيف يكون هو سبب عدمه؟ وهذا يبطل بما إذا زنا بابنته، فإنه يرجم وكان سبب وجودها، ثم أي فقه تحت هذا، ولم لا يكون الولد سببا في