/ صفحه 144/
حماية الإسلام للحياة الإنسانية
لحضرة الأستاذ الدكتور علي عبد الواحد وافي
من أقوى الأمور دلالة على حرص الإسلام على احترام الحياة، وحماية الأنفس، وعلى زجر الناس وتخويفهم من عواقب الاستهانة والإهمال في هذه الشئون، وحملهم على اتخاذ منتهى الحيطة والحذر في صددها، ما تقرره الشريعة الإسلامية من جزاء في حالة القتل الخطأ وما في حكمه، وفي حالة موت أحد في الزحام، وما تذهب إليه بصدد مسئولية البلد الذي يموت أحذ أفراده جوعا. فحتى هذه الأنواع من القتل أو الموت لايتركها الإسلام بدون جزاء، ولا يرضى أن يذهب فيها دم القتيل أو الميت هدرا.
فمع أن الشريعة الإسلامية تقرر أن الفرد لا يعاقب إلا على ما يحدثه عن قصد وإرادة، وأنه ((قد رفع عن أمة محمد الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه))(1) فإنها تخرج عن هذه القاعدة بصدد القتل، فتعاقب على نوعين من القتل غير المقصود، أحدهما: ما يسميه الفقهاء ((القتل الخطأ))، وثانيهما: ما يسمونه ((القتل الشبيه بالخطأ)) أو ((الذي هو في معنى الخطأ)).
أما القتل الخطأ فهو الذي ينجم عفوا في صورة مباشرة عن عمل قد حدث عن قصد: كأن يرمى إنسان هدفا أو صيدا فينحرف السهم فيصيب آدميا فيقتله، أو كأن يرمي شيئا يظنه صيدا فإذا هو آدمي. وهذا النوع توجب فيه الشريعة الإسلامية على

*(هوامش)*
(1) نص الحديث: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه".