/ صفحه 262/
أو مئات وآلاف غيرها من الكلمات المفردة أو المتضامة إلى غيرها، تصلح أن تقرأ بصيغة الماضي المعلوم أو المجهول، وبصيغة المضعف أو غير المضعف، وبصيغة المصدر… ولكل واحدة من هذه الصيغ معناها، وأثرها في معنى الجملة، وتركيب الأسلوب، ودلالته وحظه من القوة أو التخاذل، وجملة مثل: على سمع والده يؤنب الخادم لإهماله، ويقدم له النصح بالجد والنشاط، وقصيدة كقصيدة أبى العتاهية التي يقول فيها:
يا بن الخلائف لا فقد ت ولا عدمت العافيه
من يرتجي للناس غير ك للعيون الباكية
ألقيت أخبارا أليـ ـك من الرعية شافيه
تحتمل الكلمة الواحدة منها ضبوطا مختلفة، وتتقبل حروفها حركات عدة متباينة، وليس من المستطاع قراءة مفرادتها أو تراكيبها، ولا ضبط حروفها ضبطا يساوق المراد، ويساير الغرض، إلا بعد النظر السابق، والتفكر الباديء، كى يستعان بهما على فهم المراد، ثم على القراءة الصائبة المسددة بعد ذلك، ثم يرمز لهذا المعنى بحركات نحوية ولغوية، ورموز إملائية وغير إملائية تشير إلى المراد وتدل عليه، وكذلك الشأن في كل أنواع المنثور والمنظوم، إفرادا وتركيبا، فمن الحق أن العربي يفهم المكتوب بلغته أولا ثم يقرأ ثانيا، وهذا يناقض الحكمة من الكتابة والغرض الأصيل منها، ذلك الغرض الذي يقضى بأن الأنسان يقرأ ليفهم، لا العكس، ومن ثم كان القارىء اللاتيني موفقا في قراءته، مسددا بفضل حروفه اللاتينية ونظام كتابتها، ذلك أن الكلمة اللاتينية الواحدة تشتمل على نوعين من الحروف، أحدهما أساسي، والآخر فرعي يغني عن الحركات الإعرابية واللغوية، طويلة كانت أم قصيرة ويتصل بالأول اتصالا وثيقا مباشرا، فإن مثل كلمة: ((سمع)) العربية تتركب عندنا من حروف ثلاثة، لكل حرف حركة خاصة به، منفصلة منه انفصالا تاما، أما في اللاتينية فلكل حرف من هذه الحروف الثلاثة نظير يقابله، ولكن لكل حركة حرف فرعي يتصل بآخر الحرف الأصلي ويغني عنها، فحرف السين