/ صفحه 184/
وكان الإمام متأثراً في سياسته وعمله للوحدة بعاملين رئيسيين، عامل القومية العربية، وعامل المبادئ الدينية السلامية، الداعية إلى إحقاق الحق ودفع الظلم والعدوان، والداعية إلى الوحدة والتآخي، والى التعاون في سبيل البر والتقوى، فدفعه تأثره بهذين العاملين إلى أن يقود الجيش اليمني العربي ويحارب به ضد الحكم الأجنبي التركي الظالم، الذي جاوز حدود العدالة، وخرج على تعاليم الدين، وبعد أن عقد الإمام يحيى صلح دعان مع الأتراك لم يشأ ولم يقبل أن يستجيب لتحريض الانكليز له ضد الأتراك أنناء الحرب الكبرى الأولى، فقد حاول الانكليز إغراءه بدولة الخلافة العثمانية كما فعلوا مع غيره من زعماء العرب وحكامهم، فكان الإمام صلب العود وفياً لعهده، ولم يقبل إلا أن يكون مثال الرجل العربي المسلم، الذي لا يرى من الدين ولا المروءة أن يعين " كافراً على المسلم ". ولم ينته وفاء الإمام عند هذا الحد، بل جاوزه إلى درجة أنه قد ساعد الجيش التركي وموظفي الدولة المدنيين حينما حوصر هؤلاء جميعاً باليمن، وانقطت الصلة بينهم وبين تركيا، فساعدهم الإمام مادياً وأدبياً، وتعاون معهم في حكم البلاد، وعمل على أن تصلهم أرزاقهم طول مدة الحصار، وفضل أن يكون وفياً باراً بإخوانه المسلمين في محنتهم، ولو كانوا من الأعداء السابقين. ولم يشأ الإمام أن ينتهز الفرصة ويقضى على الجيش التركي ـ وقد كان ذلك أمراً ميسوراً له ـ ثم يعلن استقلاله التام بكل بلاد اليمن.
كذلك دفع الإمام تأثره بهذين العاملين إلى أن يشارك مشاركة فعالة في الدعوة للوحدة العربية، وفي العمل لانشاء جامعة الدول العربية، ولم يتحلل الإمام يحيى من تأثره بهذين العاملين، حتى في أوقات الخلاف الذي وقع بين اليمنيين وبين بعض جيرانهم وإخوانهم من العرب، كما حدث في سنة 1352 هـ/ سننة 1934 م، حينما أدى الخلاف على الحدود إلى وقوع الحرب بين اليمن والمملكة العربية السعودية. فلقد بادر كل من الإمام يحيى والملك عبد العزيز آل سعود إلى الاستجابة لعاملي العروبة والاسلام، فوضعت الحرب