/ صفحه 272/
حبُّ الخليفة حب لا يدين به من كان لله عاص يعمل الفتنا
الله قلد هارونا سياستنا لما اصطفاه فأحيا الدين والسننا
وقلد الأرض هارون لرأفته بنا أميناً ومأمونا ومؤتمنا (1)
على أن القاسم لم تطل حياته، فقد توفي في خلافة المأمون سنة 208 هـ (2).
وأما جعله الملقب بالمعتصم فيما بعد، فافتراء على التاريخ لأن أبا إسحق المعتصم غيره، ولم يدرج المعتصم في ولاية العهد مع سائر إخوته وإن كان له شأنه في الخلافة وهو المعروف بالمثمن، فأن المأمون أخاه كان يلمس فيه البطولة والرأي، ولمي لمح عليه ميلا عنه مع العباسيين أيام المحنة عند ما كان المأمون في خراسان، فآثره المأمون على ابنه العباس في الخلافة ـ وقرب احتضاره استدعاه وأوصى إليه بالخلافة بحضرة ابنه العباس والفقهاء والقضاة واستدناه منه وأفضى إليه بما عنده (3).
وعلى هذا فالصواب حذف ما ذكر بعد اسم القاسم من كتاب التاريخ ووضع كلمة (المؤتمن) مكان المحذوف.
طرفة أدبية:
ولمناسبة المعتصم يحسن ذكر طرفة أدبية تغلب فيها الهوى على سطوة الملك لما فيها من تأثر بالأدب.
كانت أمه ماردة أثيرة عند الرشيد، ثم عرض بينهما ما يعرض بين الحبيبين، فأرسل يحيى بن خالد البرمكي إلى العباس بن الأحنف، وقال: " إني أخبرك أن ماردة هي الغالبة على أمير المؤمنين، وإنه جرى بينهما عتب، فهي بدالة المعشوق تأبى أن تعتذر، وهو بعز الخلافة وشرف الملك يأبى ذلك، وقد رمت الأمر من قبلها فأعياني، وهو أحرى أن تستفزه الصبابة، فقل شعراً يسهل عليه هذا السبيل، فقضى كلامه ".

ــــــــــ
(1) لقب القاسم وكانت ولايته تبعا لرأي المأمون في الكامل لابن الأثير (5: 112).
(2) الكامل (5: 206).
(3) الكامل لابن الاثير (5: 226 ـ 227).