/صفحة 108/
كان الجميع يلتقون عند حد واحد، وكلمة سواء، هي الايمان بالمصادر الأولى، وتقديس كتاب الله وسنة الرسول، وقد ورد عن جميع الأئمة: "اذا صح الحديث فهو مذهبي" ومن هنا تعاون الشافعي والحنفي والمالكي والحنبلي والسني والشيعي، ولم يبرز خلاف بين أرباب المذاهب الإسلامية الا حينما نظروا إلى طرق الاجتهاد الخاصة، وتأثروا بالرغبات، وخضعوا للايحاءات الوافدة، فوجدت ثقوب نفذ منها العدو المستعمر، فأخذ يعمل على توسيع تلك الثقوب، حتى استطاع أن يلج منها إلى وحدة المسلمين يمزقها، ويفرق شملها، ويبعث العداوة والبغضاء بين أهلها، وبذلك دبت فيما بينهم عقارب العصبية المذهبية، وكان من آثارها السيئة ما كانن مما يحفظه التاريخ من تنابز أهل المذاهب بعضهم وبعض، وتحين الفرص لايقاع بعضهم ببعض، والدين من ورائهم يدعوهم: هلموا إلى كلمة الله "و لا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا ان الله مع الصابرين".
وقال فضيلته:
لا أنسى أني درست المقارنة بين المذاهب بكلية الشريعة، فكنت أعرض آراء المذاهب في المسألة الواحدة، وأبرز من بينها مذهب الشيعة، وكثيراً ما كنت أرجح مذهبهم خضوعاً لقوة الدليل، ولا أنسى أيضاً أني كنت أفتى في كثير من المسائل بمذهب الشيعة، وأخص منها بالذكر ما تضمنه قانون الأحوال الشخصية الأخير، ومنه على سبيل المثال المسائل الآتية.
أولاً: الطلاق الثلاث بلفظ واحد، فانه يقع في المذاهب السنية ثلاثاً، ولكنه في مذهب الشيعة يقع واحدة رجعية.
وقد رأى القانون العمل به، وأصبحت الفتوى بمذهب أهل السنة لا يقام لها وزن في نظر القضاء الشرعي السني.
ثانياً: رأي قانون الأحوال الشخصية في تنظيمه الأخير أن الطلاق المعلق منه ما يقع ومنه ما لا يقع، تبعاً لقصد التطليق، أو قصد التهديد، ولكن مذهب الشيعة يرى أن التعليق مطلقاً قصد به التهديد أو التطليق لا يقع به الطلاق،