/صفحة 39 /
ويظهر أن هذه الطريقة قد دخلها الآن كثير من الغش والحيلة، حتى إنه ليقال إن في إمكان المبشع أن يدبر لمن يتحيز إليه من المتهمين لسبب ما بعض وسائل النجاة من أضرارها. ومن ذلك أيضاًطريقة "القرعة" لتعيين المجرم، التي أخذت بها طائفة من الأمم في بعض الجرائم الخطيرة. ففى حالة الاشتباه في المجرم، وعدم استطاعة الاهتداء إليه بالذات، كانت تضرب القرعة بين طائفة من المشتبه فيهم، فمن أصابته منهم وقع عليه الجزاء. ومن ذلك أيضاًطريقة "تعذيب المتهم"(1)TRTUE GUETIM التي سار عليها في تحقيق بعض الجرائم الخطيرة عدد كبير من الأمم في مختلف العصور، ومن بينها الأمم الأوروبية المسيحية نفسها في العصور الوسطى والحديثة، وخاصة في "محاكم التفتيش" الشهيرة GUPISITIN التي أنشئت في مختلف الممالك الأوروبية لمحاربة جرائم الإلحاد والسحر وما إليها من جرائم العقيدة: وظلت قائمة حتى أوائل القرن التاسع عشر، ئتقتضى طريقة "التعذيب" هذه أن يسام المتهم مختلف أنواع العذاب حتى يعترف بالجرم، وكان القضاة أنفسهم هم الذين يشرفون على ذلك. وكان الأمر ينتهى بالمتهم إلى الاعتراف صادقا كان أم كاذبا ليتخلص مما يسامه من عذاب. وفي بعض الاحوال ما كان ينتظر اعترافه الصريح لإثبات إدانته، بل كان يكتفى في ذلك بعلامات تافهة كتلجلج صوته، أو تقطع نبراته، أو اضطراب حديثه، أو تفكك عباراته، أو إحجامه عن الكلام. وقد بقى لهذا النظام بعد إلغائه رواسب كثيرة في عدة شعوب بل إن نظم التحقيق في البوليس لاتزال تسير في الجرائم الخطيرة على شيء منه عند كثير من الأمم الراقية في ا لعصر الحاضر ؟
(1) معنى كلمة GUETINفي الأصل التعذيب الذي كان يسامه المتهم في أثناء سؤاله عن الجرم، ثم. طلقت فيما بعد على السؤال نفسه، من باب إطلاق الكلمة على ما يصاحب مدلولها ويلازمه.