/ صفحه 249/
النداء السادس:
((يأيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون*وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين*ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطراً ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط)).
وأخيراً يأتي هذا النواء السادس يؤكد ما تضمنته النداءات السابقة من مبادىء وأسس ضرورية للحصول على النصر، يأمرهم في هذا النداء بالتزام الفضائل والأخلاق التي لابد من التحلي بها في ساعة اللقاء.
وأولها الثبات أمام الأعداء، وهو أمر إيجابي مؤكد للنهي عن الفرار السابق في النداء الأول: ((يأيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار)).
ثم يأمرهم بمعتصم روحي يعينهم على الثبات، ويمنحهم رباطة الجأش ساعة تزيغ الأبصار وتضطرب القلوب، ذلكم هو كذر الله كثيراً، وذكر الله ليس نطق اللسان فحسب، إنما هو قبل ذلك استحضار عظمة الله التي لا تحد، وقوته التي لا تقهر، ووعده الذي لا يختلف، وبهذا الذكر والاستحضار تقوى العزائم، وتثبت الأقدام. ثم يأمرهم بطاعة الله ورسوله، وهو ما سبق أن دعت إليه السورة، وأكدت طلبه في النداءات السالفة، بل من أول آية فيها: ((وأطيعوا الله وسوله إن كنتم مؤمنين)).
وإذا كانت طاعة الله ورسوله واجبة في كل الأوقات، فإن وقت الحرب إذا دارت رحاها، والتقى الجمعان وجهاً لوجه ـ تكون الطاعة فيه أوجب، والامتثال ألزم. فكل مخالفة تؤخر النصر، وتفتح ثغرة لعدو الله، ثم يعقب هذا الأمر بنهي وتحذير يسد به نافذة خطرج يهب منها الشر والفساد عليهم، فيتركون طاعة الله