ـ(68)ـ
للأمة الإسلاميّة في حياتنا الراهنة، ويتناسق والهدف السامي لـ (مجمع التقريب بين المذاهب الإسلاميّة).
ما هو علم الكلام المقارن؟
المقصود هنا: عرض العقائد الإسلاميّة، مع ملاحظة آراء جميع الفرق الإسلامية، ونظريات رواد الفكر الإسلامي الحديث، مشيرين إلى أدلتهم، مجتنبين الأساليب غير العلمية: كالتزييف والتزوير والتحريف وإسناد الآراء إلى الأشخاص والمذاهب من دون مراجعة إلى مصادرهم الأصلية، وبمجرد الاستنباط والاستخلاص من بعض كلماتهم، وبعبارة أخرى: الأخذ بما يتراءى لنا أنها من ملازمات آرائهم.
فإذن: هذا النوع من الدراسة هو: دراسة موسوعية مقارنة للآراء الكلامية والعقائد الإسلاميّة، فيبتعد فيها الكاتب عن الانحياز والتعصب والغلو، ويحترز عن الأساليب الخطابية في إثارة الجمهور والرأي العام لصالح هذا أو ذاك، ولا يورد ملاحظة، ولا يقضي قضاء باتا في حق مذهب أو شخص إلاّ أنّ يذكر المصدر أو الدليل ثم إذا أراد نقداً أو ملاحظة يذكر ذلك بصورة منفصلة وبأسلوب علمي موضوعي، مراعياً الأمانة والإنصاف وروح البحث العلمي.
ما هو الغرض من علم الكلام المقارن ؟
قد يكون منشأ هذا السؤال: أنّ علم الكلام هو: إثبات العقائد الدينية بالأدلة العقلية، فلا بد فيه من ذكر آراء الخصوم، وعقائد المخالفين والرد عليهم، وذكر حججهم وإظهار زيفها، وهذا نفس المقارنة. وقلما يخلو كتاب كلامي من ذكر آراء الآخرين، والإشارة إلى مذاهب المخالفين.
ولكن هذا يختلف عما نحن بصدده تماماً، فإن المقارنة شيء والرد أو النقض شيء آخر، فالناقضون وأصحاب الردود الكلامية وكتب (النقض) إنّمّا همهم دحض آراء المخالفين، وإلزام الخصم وتبكيت المخالف، ولا يهمهم عرض المسألة ودراستها بصورة شاملة، ولا ذكر تأريخها ونشوئها وتأثرها بالمسائل الأخرى، ولا عرضها على المصادر