ـ(12)ـ
مكافحة البدع يمكن إنّ تجمع الأمة ويمكن إنّ تفرقها وتزيد في تمزقها:
تجمعها إنّ كانت محاربة البدع تنطلق من فهم واع حضاري عميق لمفهوم البدعة، وكانت مصحوبة بعملية توعية شاملة على الإسلام بكل جوانبه وأبعاده الواسعة، كما يحدث اليوم في ظل دولة الإسلام المباركة.
وتفرقها وتمزقها إنّ كانت تفهم البدعة فهماً ضيقاً متخلفاً لأنه ـ بموجب هذا الفهم ـ ستكون العلوم الفلسفية والكلامية التي هي حصيلة الدراسات العقائدية لعلماء الإسلام، وسلاح الدعاة لمواجهة الأفكار الهدامة.. ستكون بدعة لأنها لم تكن في زمن الصحابة والتابعين!!، وستكون المؤتمرات والندوات والاحتفالات التي تقام لإحياء ذكرى رموز الإسلام في مواليدهم ووفياتهم بدعة!!، وسيكون الاهتمام بمراقد هؤلاء الرموز وزيارتها لاستلهام معطيات حياتهم الجهادية والفكرية بدعة أيضاً!!.
ولقد شهدت القرون الأخيرة مثل هذه التيارات لمكافحة البدعة أضرت ـ مع الأسف ـ أكثر مما نفعت، ومزقت الأمة أكثر مما جمعتها على القرآن والسنة.
وتفرقها أيضاً إنّ لم يصحبها وعي كامل بالإسلام في جميع أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعقائدية. لأن الجاهل بلب الإسلام سيتشبث بالقشور ويتعصب لها وينازع من أجلها، وتأتي النتيجة عندئذ خلاف ما يتوقعه الداعية في تجميع الأمة على هدى القرآن والسنة.
فلتتحد كلّ خطى العاملين على مكافحة البدع في أمتنا الإسلاميّة على هدي من القرآن والسنة وفهم حضاري عميق للإسلام، وليكن أسلوبهم الحكمة والموعظة الحسنة [وقل أعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون](1).
__________________________________
1 ـ التوبة: 105.