ـ(181)ـ
مضيق جبل طارق، فهو أمام العداء السافر التاريخي والسياسي والإعلامي وجهاً لوجه.
ولكن الإسلام فيه رغم كلّ ذلك بخير.. الروح الإسلاميّة تغمر الحياة المغربية، ويعيشها الإنسان المغربي بكل فئاته. وما أثار انتباهنا أكثر باعتبارنا وفداً تقريبياً، تعالي المغاربة عن كلّ اختلاف طائفي وحساسيات مذهبية، رغم ما تلمسنا من محاولات خارجية لإثارة هذه الاختلافات والحساسيات.
وحين تفحصنا الأمر وجدناه يعود إلى ارتباط تاريخ هذا البلد بآل رسول الله. وهذه ظاهرة هامة من ظواهر "التقريب" يحسن أن نقف عندها ولو قليلاً.
إدريس الأول في زرهون:
حين تتجه إلى مدينة "فاس" من "الرباط"، يستوقفك قبل الوصول إليها ضريح في بقعة جميلة مزدانة بالأشجار أسمها "زرهون"، إنه ضريح إدريس بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
جاء إدريس إلى المغرب يدعو المغاربة للانضمام إلى ثورة أخيه محمّد المسمى "النفس الزكية" في المدينة أيام خلافة المنصور العباسي (145هـ)، فأجابه خلق من الناس (1).
والمهم في هذا الداعية العلوي، نداؤه الذي وجهه إلى المغاربة يدعوهم فيه إلى إقامة الإسلام كما جاء به رسول الله، بعيداً عن تحريف الحكام الأمويين والعباسيين.
ونرى فيه روح التوحيد الخالص، والإسلام المحمدي النقي.
وهو وثيقة "تقريبية" هامة جداً، تعني فيما تعني أن مدرسة آل بيت رسول الله ليست طائفية ولا مذهبية، بل تنأى عن كلّ ما يفرق صفوف المسلمين، وتتحدث بلغة القرآن والسنة لا غير.
ولأهمية هذه الوثيقة التي نشرها أول مرة المرحوم الأستاذ المجاهد "علال
__________________________________
1 ـ أنظر مروج الذهب، المسعودي 3: 294، الشافي 1: 142، الروض النضير 1: 94، شذرات الذهب 3: 159، مقاتل الطالبيين: 135، عيون الأخبار لابن قتيبة 1: 212، الحدائق الوردية1: 318، مناقب الامام أبي حنيفة 1: 255.