ـ(6)ـ
الجماهير وخاصة من أهل السنة الإيرانيين في مظاهرات غاضبة أدانت الحادث بشدة، وبذلك توفرت ولله الحمد فرصة جديدة لتجاوز الحساسيات الطائفية الموروثة.
غير أن الخطة لابد أن تتواصل. واتجهت أنظار المراقبة إلى مساجد أهل السنة لأنه من المحتمل أن تقضي الخطة بتنفيذ عملية تخريبية فيها من أجل الإيحاء باستمرار التصفيات الطائفية وبأن العملية رد فعل شيعي لذاك الانفجار.
وصدق الاحتمال.. فقد القي القبض على من يضع قنبلة موقوتة في أحد مساجد أهل السنة.. وحين جرى معه التحقيق تبين أنّه على ارتباط تنظيمي بالذي فجر القنبلة في مرقد الإمام الرضا، وأن الخطة واحدة بشقيها: إثارة أهل الشيعة تارة وإثارة أهل السنة تارة أخرى.
هذا الحادث العجيب يدفعنا إلى أن نعيد النظر فيما سجلته لنا ذاكرة التاريخ من نزاعات طائفية بين أهل السنة والشيعة.. ألم يكن لليهود يد فيها ؟! ألم يكن للصليبية ضلع فيها ؟! أما كان وراءها مصالح الحكم والسيطرة؟!
لا يمكن أن نتوقع من التاريخ تقديم وثائق واضحة تكشف الأيدي الخفية وراء النزاعات الطائفية، لأن كتاب التاريخ كانوا ينقلون الحجم الظاهر من الأحداث، بل جزء من هذا الحجم الظاهر فما بالك بالقسم الغاطس منها ! غير أنا نلمس بوضوح دور الحكام في إثارة فتن عقائدية كقضية القول بخلق القرآن والجبر والتفويض، والإرجاء، وقضية التجسيم والحلول ونظيرها كثير.. ولو تركنا التاريخ القديم ففي تاريخنا الحديث ما يشهد على تدخل مصالح الحكم في إثارة النعرات الطائفية كالذي حدث في زمن الصراع المصلحي بين الحكم الصفوي والعثماني.
وفي تاريخنا المعاصر أيضاً جم غفير من الوثائق على هذا الأمر.. ولعل أوضحها وأشهرها هذه الحملة الإعلامية الطائفية الضخمة التي شنت على الشيعة والتشيع بعد انتصار الإسلام في إيران وبعد إقامة حكم فيها قائم على أساس القرآن والسنة ومهتد بهدى رسول الله في نفي سبيل سيطرة الكفر العالمي على مقدرات