ـ(73)ـ
نكشف تراثنا اللغوي لأبنائنا وأجيالنا من خلال ما كتبه علماء الأصول في هذا المجال، الأمر الذي يتطلب منا أن نقوم بتحقيق كلّ تراثنا الأصولي المتقدم بأكمله، وأن لم يتيسر لنا ذلك، فلا أقل من تحقيق المباحث اللغوية التي أبدع أصوليو الشيعة الإمامية فيها إبداعاً كبيراً جداً، وكشفوا لنا الكثير من ظواهر اللغة، ومباحثها، وحلوا جانباً مهماً من إشكالياتها، وتعقيداتها، والتفتوا إلى طرائف، ولطائف، ولطائف دقيقة منذ ذلك العهد قد يدعى البعض من المعاصرين أنّه هو الذي إبداع فيها، واكتشفها مع أن المبدع الأساسي لها هم علماؤنا الأبرار رحمة الله عليهم أجمعين.
فمن المفيد جداً لنا، وللأخر، ولكشف الحقيقة العلمية أن ننظر في هذا التراث لنقوم بتحقيقه والإفادة منه، وصياغته صياغة جيدة عبر بحوث مقارنة بين ما أنتجه العقل الأصولي التحليلي للمدرسة الأصولية الإمامية، وبين ما توصل إليه علم اللغة المعاصر، لنجد أن الكثير من إشكاليات الحداثة التي تتعامل مع النص لتقرأه بطرق متعددة بنيوية، أو تفكيكية، أو غيرها، وتفرق بين الكتابية والشفاهية، وتؤسس التأويل، وما إلى ذلك مما يبحث في الالسنيات، وعلوم اللغة الحديثة قد يجد لـه حلاً واضحاً في بطون تلك الكتب الصفراء التي بقيت محرومة ولازالت تعيش الحرمان عن أن يطلع عليها الآخرون.
إن البحث في كتاب "هداية المسترشدين" للشيخ محمّد تقي الأصفهاني الذي يعد من اكبر الحواشي على كتاب المعالم، والفصول الغروية في الأصول الفقهية للشيخ محمّد حسين الأصفهاني وكتاب "قوانين الأصول" للمحقق الميرزا القمي، وآراء سلطان العلماء وبقية الفحول من الأصوليين في المدرسة الإمامية الاثنا عشرية إن الاطلاع على كتبهم والعمل الجاد نحو تحقيقها، ودراستها مع غيرها دراسة مقارنة يحقق لنا الكثير الكثير من النتائج على مستوى البحث اللغوي