الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية: ما أكثر فرص وحدة الأمة!!

الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية: ما أكثر فرص وحدة الأمة!!
وحدة الأمة الإسلامية فريضة وضرورة، هذا ما يجمع عليه المهتمون بعزّة المسلمين وكرامتهم ومستقبلهم، ولا يشك في ذلك مسلم ذو قلب سليم.
 
هذه الوحدة تعرضت بعد الغزو الإستعماري لبلاد المسلمين للتجزئة السياسية، ثم راح الغزاة يعمّقون هذه التجزئة بالضرب على وتر الطائفية والعنصرية والإقليمية و.. و.. حتى وصلت الحالة إلى ما نحن عليه من تقاتل وتخاصم وأحقاد وضغائن، وفي خضمّ هذه الحالة المأسواوية استعرت الحروب بين المسلمين على مختلف الصعد.. السياسية منها والإعلامية والاقتصادية والعسكرية، وزُرعت في قلب العالم الإسلامي، أعني فلسطين غدة سرطانية عنصرية توسعية، وتوالت علينا التهديدات بالشرق الأوسط الجديد، وبصفقة القرن وبتحشيد الأساطيل في مياهنا الإقليمية..

هذا الوضع يحمل المسلمين جميعاً وخاصة أهل العلم والفكر والفن والكلمة مسؤولية ثقيلة لانقاذ الأمة من هذه الكارثة:

رغم هذه التحديات الهائلة هناك فرص في غاية الكثرة يستطيع المسلمون إذ وعوا واقعهم وشدوا العزم على بناء مستقبلهم- أن يستثمروها خير استثمار، وأن يحققوا انتصارهم على هذه العقبات بأجمعها.

في الأيام القليلة الماضية بدأ حجاج بيت الله الحرام يعودون إلى أوطانهم سالمين غانمين بحمد الله، بعد أن مروا بدورة تعليمية عملية في وحدة الهدف ووحدة الحركة ووحدة المسير بل ووحدة الملبس، وكان المسلمون في أصقاع الأرض كلنا منشدّين في تلك الأيام إلى بيت الله الحرام والمشاهد المقدسة بقلوبهم وعواطفهم، وصلوا صلاة عيد الأضحى ونحروا القرابين مشاركين حجاج بيت الله الحرام في نسكهم.

هذه الظاهرة وحدها يمكن أن تؤلف القلوب، وأن توحّد الأهداف والمسير، وتسد الطريق أمام العابثين بمقدرات المسلمين، ولكن ذلك يتطلب من خواص الأئمة أن يعملوا جادين لاستمرار هذه الحالة الوحدوية التوحيدية بين المسلمين.

وفي الثامن عضر من ذي الحجة مرّت علينا ذكرى يوم الغدير، وهو اليوم الذي أعلن فيه رسول الله (ص) أمام المسلمين قائلاً: "من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيثما دار، اللهم هل بلغت).. الحديث الشريف الذي أجمع المسلمون كلهم على تواتره.

ومن المؤسف أن الظروف التاريخية حصرت الاهتمام بذكرة هذا اليوم في إطار مذهب معين، مع أن المسلمين بأجمعهم يقرون بأهمية واقعة الغدير، وباهتمام رسول الله بهذا الاعلان، وتاكيده (ص) أن يكون أمام جمع غفير من الصحابة بأرض الجحفة عند غدير خم بين مكة والمدينة، بعد حجة الوداع.

أهمية الواقعة هي أن نبي الإسلام لم يشأ أن يترك المسلمين من بعده من دون (ولي).. وليّ قد استوعب رسالة الإسلام وارتفع الى مستوى قيادة المسلمين على طريق الله سبحانه وتعالى.. وهذه دعامة كبيرة لوحدة الأمة على طريق الخير والعدل والصراط المستقيم.

ومن المفرح أننا رأينا هذا العام اهتماماً –ولو نسبياً- بهذه الواقعة لدى أتباع جميع المذاهب الإسلامية، ونرجو الله أن يتسع هذا الاهتمام ليسند وحدة أمتنا في مواجهة التحديات.

كما مرت بنا ذكرة ألمية في الحادي والعشرين من شره أغسطس (آب)، هي حادثة حريق المسجد الأقصى على يد الصهاينة قبل نصف قرن.
كاد هذا الحادث أن يستثير المسلمين بأجمعهم آنذاك لمواجهة الصهاينة، غير أن "الزعماء" بادروا إلى امتصاص النقمة بعقد مؤتمر خرج بعده بتأسيس "منظمة المؤتمر الإسلامي" التي سميت فيما بعد بنظمة التعاون الإسلامي، دون أن يكون لهذا المؤتمر ولما بعده أي دور في استنهاض المسلمين للوقوف بوجه الصهاينة الغاصبين المعتدين، ولا في حل أية أزمة من أزمات العالم الإسلامي.

الاعتداءات مستمرة اليوم على القدس والمقدسيين والمسجد الأقصى، وعلى مسيرات حق العودة، والفلسطينيون وإلى جانبهم (محور المقاومة) يقفون اليوم بكل إمكانياتهم للتصدي لهذا العدوان، بينما نرى تسابقاً هنا وهناك في العالم العربي للتزلف إلى الصهاينة وإلى التطبيع معهم!! هذا وإلى جانب التآمر  المستمر على محور المقاومة وعلى رأسه الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تشكل أعظم فرصة للمسلمين لمواجهة التحديات والوقوف بوجه التهديدات، وتتحمل في سبيل ذلك ما تتحمل، في سبيل استنهاض الشعوب وبث روح الأمل فيها بحتمية انتصار الحق على الباطل وحتمية نصر الله إن نحن نصرناه.

فرص عودتنا إلى حياة العزة والكرامة كثيرة أيها المسلمون رغم إجحاف الأذلاء والمنهزمين، فلنسع إلى اغتنامها والله الموفق.
محسن الأراكي
الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية