الأقليات الاسلامية في الغرب: الواقع، التحديات والأفاق أوروبا نموذجا

الأقليات الاسلامية في الغرب: الواقع، التحديات والأفاق أوروبا نموذجا

 

 

الأقليات الاسلامية في الغرب: الواقع، التحديات والأفاق أوروبا نموذجا

 

                                                                                                                                        

                                                                                                                      الدكتور محمد بشاري

                                                                                                      الأمين العام للمؤتمر الإسلامي الأوروبي

                                                                                                      رئيس الفيدرالية العامة لمسلمين فرنسا

 

تمهيد

لقد طلب منا الاشتغال على مبحث يتطرق لواقع معاملة غير المسلمين في الإسلام، ومعاملة الأقليات الإسلامية، وبحكم اشتغالنا المسبق وفي أكثر من مناسبة على واقع الأقليات الإسلامية  فإننا سنركز تحديدا على هذا الشق، تاركين جانبا الاشتغال على موضوع معاملة غير المسلمين في الإسلام، ليس فقط بسبب غنى المكتبات العربية والإسلامية بالأدبيات التي تطرقت لهذا الموضوع، ولكن على الخصوص لاقتناعنا بسمو التنصيص الشرعي عند المسلمين بخصوص التعامل مع غير المسلمين، ولنا في التجارب النبوية خير دليل على هذا السمو، وهذا معطى يقر به أغلب المستشرقين، فكيف بالمسلمين.

مسألة أخرى مطلوب منا التنبيه إليها، وهي أننا نتشرف بإلقاء هذا العرض أمام نخبة إسلامية من الفقهاء والمشايخ المرجعيين، ومع أن علوم الشرع ليست من تخصصنا، إلا أن مسؤوليتنا في الديار الأوروبية من جهة، وخاصة اشتغالنا على مجموعة أدبيات خاصة بالأقليات الإسلامية تقف بشكل أساسي وراء هذا التشريف، والذي نأمل أن يعزز بملاحظات وتوجيهات السادة الفقهاء والمشايخ الكرام.

 

1- الأقليات: إشكالية التعريف

عندما نتطرق إلى كلمة أو مصطلح "الأقلية" يتبادر إلينا مباشرة الكلمة أو المصطلح المتضاد أو النقيض، فتأتي كلمة " الأغلبية" أو مصطلح "الكثرة" مباشرة لفهم مدلول الكلام عن "الأقلية مطلقا، لكن الكلمة أو المصطلح قد يأخذ عدة تفاسير ومعاني بل ووظائف - كما يقول علماء اللغة - مختلفة تارة، ومتباينة تارة أخرى، لذا فكلمة أو مصطلح الأقلية تختلف معانيه حسب التداول ووظائفه.

أ ـ مفهوم الأقلية في القرآن:

إذا كانت "الأقلية" تشعر ب"الضيق" و"التضيق" وعدم وضوح المستقبل فإن القرآن الكريم عندما يتناول مصطلح "الأقلية" يعطيه بعدا رساليا مرتبطا بمدى إقدامه على خط التدين ممارسة وفهما وسلوكا وحالا ليتجسد في الفئة الناجية من النار والمبشرة بالنصر في الدنيا والجنة في الآخرة "كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله"،. بل هناك تزكية قرآنية خاصة برجل واحد، وهو سيدنا ابراهيم عليه السلام، عندما أنزل الله عليه الوحي وأمره بتخليص أمته من عبادة الطواغيت إلى عبادة إله واحد، وهو وحده ومستعينا بقدرة الله سبحانه وتعالى، فقال تعالى: "إن إبراهيم كان أمة"، فقرن تعالى عمل ابراهيم عليه السلام بعمل وجهد أمة كاملة. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "تجدون الناس كإبل مائة. لا يجد الرجل فيها راحلة"، وفي المقابل نجد تعامل القرآن الكريم مع المفهوم المتضاد للأقلية - وهو الأكثرية عددا - بدعوة المسلمين إلى الحذر من الانخداع بمظاهر القوة وفي مقدمتها العدد والكثرة، وهيأ للإنسان اليابسة دون البحار والمحيطات ليعيش فيها ويتوالد فهدى البعض من الناس وضلت أنفس طريقها فاختارت مسالك ما آتى الله بها من سلطان. وجعل درجة الإيمان بعد درجة الإسلام ليجتهد المؤمنون .

القرآن الكريم واضح في تحذيره وذمه للأكثرية القائمة على الضياع كما نقرأ في قوله تعالى "وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله"، كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم يحذر المسلمين من الذل المقترن بالأكثرية، حيث يقول: "يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها" فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟، فقال: "بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة لكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن". فقال قائل: "يا رسول الله. وما الوهن؟ قال: "حب الدنيا وكراهية الموت".

لقد انفرد الإسلام بمعيار يخالف فيها جميع النظم القديمة والحديثة والتي تقوم في نظرياتها –  فقط على مقاييس العدد والأكثرية – على اعتبار أن النوعية تبقى أساس كل بناء حضاري.

ب ـ مفهوم الأقلية في الأعراف الدولية الحديثة:

اتخذت كلمة الأقلية حظها في جميع المعاهد الدولية والمحلية والقطرية، لتحميها من الانقراض وتحقيق مظاهر وجودها، فلا تكاد تخلو كل الاتفاقيات الثنائية بين البلدان من إشكالية الأقليات لتحمي كل بلد، مصدر للهجرة من رعاياه (الأقلية) في هذا البلد المضيف. فظهرت عدة مؤسسات وقتية للأقليات انطلاقا من القواعد المشتركة لهذه الطائفة- الأقلية- من حيث خصوصياتها العرقية والقومية واللغوية والدينية أو المذهبية والسياسية والاجتماعية واللوبية والفكرية.. إلخ.

فجاءت حماية الأقليات في المواثيق الدولية وعلى رأسها الخاصة بحقوق الإنسان، فالمادة الثانية من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تنص على أنه "لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان دونما التمييز من أي نوع لا سيما التمييز في العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي سياسيا أو غير سياسي أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو المولد أو أي وضع آخر. وفضلا عن ذلك لا يجوز التمييز على أساس الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو الإقليم الذي ينتمي إليه الشخص سواء كان مستقلا أو موضوعا تحت الوصاية أم غير متمتع بالحكم الذاتي أم خاضعا لأي قيد آخر على سيادته، فالمواد هي كثيرة التي تؤمن للأقليات حياة مثلها مثل الأغلبية، فمن الحقوق الموكولة لكل إنسان:

الحق في الحصول على الجنسية ولا يجوز حرمان أي شخص من جنسيته، ومن حقه في تغيير جنسيته (المادة 10). والحق في النكاح وتكوين أسرة ودون أي قيد يرجع إلى العرق أو الدين أو الجنسية (المادة 16). وحق التملك (المادة 17) وحق الرأي والتعبير (المادة 19) والحق في الضمان الاجتماعي (المادة 22) والحق في العمل وحرية اختيار العامل الذي يناسبه (المادة 23) وحق الملكية الفكرية (المادة 27) وغير ذلك من النصوص التي تكرس مبدأ المساواة والحق في عيش مناسب وحرية ممارسة الشعائر التعبدية. أما الوقوف ضد جميع ألوان التمييز العنصري فقد جاء مسطرا في العديد من الإعلانات الحقوقية، نذكر منها على الخصوص:

ــ إعلان الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري القرار رقم 1904 (180) سنة 1963 ثم 1965.

ــ الاتفاقة الدولية لقمع جريمة التمييز العنصري والمعاقبة عليها قرار رقم 3068 (280) سنة 1973.

ــ اتفاقية منع التمييز في مجال التعليم – المؤتمر العام لليونسكو في ديسمبر 1960.

ــ اتفاقية منع التمييز في مجال الاستخدام والمهنة. المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية يونيو 1985.

ــ الاتفاقية الخاصة بالقضاء على أشكال التمييز ضد المرأة. الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 1979.

ــ الاتفاقية الخاصة بالمساواة في الأجور المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في يونيو 1951.

ــ إعلان بشأن العنصر والتمييز العنصري. المؤتمر العام لليونسكو نوفمبر 1978.

ــ إعلان بشأن القضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائم على أساس الدين أو المعتقد.

ج ـ أنواع الأقليات:

ليس بالضرورة أن تكون الأقلية قليلة العدد، فالزنوج في جنوب إفريقيا، والإنجليز في الهند أثناء الاستعمار مثالان لنفي تلك  الفكرة. فالمعيار هو علاقة توزيع السلطة بأنواعها. يعرف ويرث  (Wirth) الأقلية بأنها جماعة من الناس تصنف لوحدها (تمييزا عن الآخرين) بسبب خصائص فيزيقية أو ثقافية، ويعرضهم ذلك إلى نوع مختلف وغير متساو في المعاملة، ولذلك يعتبرون أنفسهم موضوعاً لتفرقة جماعية. ووجود أقلية يعني وجود جماعة سائدة مقابلة تتميز بمركز اجتماعي أعلى، له امتيازات أعظم  أو أكثر.  بينما مركز ووضعية الأقلية يقومان على أبعادها عن المشاركة الكاملة في حياة المجتمع. والفرد مهما كانت قدراته ينظر إليه كوحدة  داخل الأقلية.

وبرغم ذلك، فالأقليات ليست ذات نموذج واحد،  فهم يختلفون في المعايير والرموز التي تحددهم، وفي طبيعة علاقتهم بالجماعة السائدة، وفي ردود فعلهم في المواقف المختلفة. ويمكن أن يتحدد التصنيف لمواقف الأقلية حسب أهداف الأقلية وفيما يلي بعض النماذج:

ــ  التعددية رغبة الأقلية في التعايش جنبا إلى جنب مع الأغلبية والأقليات الأخرى. هذا شرط لحضارة ديناميكية، لأنها تسمح بالتبادل المشترك والاهتمام. فهي تأخذ شكل الرغبة في مساواة سياسية واقتصادية، مع تسامح تجاه التنوع الثقافي اللغوي والديني. ويختلف مفهوم التعددية من تكوين اجتماعي إلى آخر،  ففي المجتمعات يعني التسامح والقبول بين الجماعات الثقافية،  ولكن تعاون أقل في النواحي الاقتصادية والسياسية.

ــ  التذويب، التمثل رغبة الأقلية في الذوبان في الجماعة السائدة،  وهذا يعتمد على رغبة الأغلبية أو الجماعة السائدة. أحسن مثال الزنوج في الولايات المتحدة بالرغم من أن الأقليات الأخرى مثل اليهود فقد ذابوا في المجتمع الأمريكي بسبب نجاحهم الاقتصادي. 

بينما يختلف الوضع بالنسبة لجماعات إثنية أخرى لأن بعضهم يرفض الذوبان من نفسه.

ــ الانفصالية، حيث تطالب الأقلية الاستقلال الثقافي والسياسي خاصة حين تعجز عن الاندماج أو ممارسة التعددية فترى الحل في الانفصال عن الآخرين.

ــ الصدامية والتي تؤكد على هويتها مثل الفهود السود، فصائل المقاومة الفلسطينية، الجيش الجمهوري الإيرلندي...إلخ. وأحيانا تكون مقاتلة وصدامية لكي تتغلب على قوميات أخرى، كما هو الحال مع نموذج "السوديت" في تشيكوسلوفاكيا السابقة أو نموذج الصهاينة في الأراضي العربية المحتلة.

 

2- الأقليات الإسلامية في العالم: إحصاءات أولية

ثمة إشكاليات عديدة نواجهها في معرض إحصاء وتدقيق واقع الأقليات الإسلامية في العالم، ومعلوم أن هذا العدد يختلف يبقى إشكاليا بين الباحثين، فمنهم من يقدر أعداد هذه الأقليات بأقل من 220مليونا، ومنهم من يقدر أعداد الأقليات المسلمة، بل إنه يشمل كذلك عدد الدول الإسلامية إذ إن بعض الباحثين يقدر عدد الدول الإسلامية بسبع وخمسين وحدة إسلامية، وبعضهم الآخر يقدر عدد الدول الإسلامية بخمسين دولة (اثنتين وعشرين دولة آسيوية، وسبع وعشرين دولة أفريقية، ودولة أوروبية)

والحال أن اختلاف الباحثين في اعتبارهم الدولة إسلامية أو غير إسلامية ينعكس أثره ويتردد صداه في تقدير عدد الأقليات المسلمة، وهناك مجموعة أخرى من العوامل التي لا يمكن تغافلها تحول دون تقديرات صحيحة للأقليات المسلمة في العالم منها أن عدم اهتمام كثير من الدول بإحصاء الأقليات الدينية بحجة أن مثل هذه الإعدادات تؤدي إلى مشكلات طائفية، ومنها أيضا أن العديد من المسلمين في الدول الشيوعية يلجؤون إلى إخفاء عقائدهم وشعائرهم الدينية، والتظاهر باعتناق المعتقدات التي تساير الاتجاه العام للدولة حتى يكونوا بمنأى عن الاضطهادات ولا يحرموا الوظائف الكبرى والحساسة، وغيرها من الأسباب. ويهمنا اكثر التوقف مع أرقام بعض الإحصائيات الخاصة بنسب المسلمين في العالم، مع الإشارة إلى أن هذه الأرقام خاصة بنهاية حقبة التسعينات، ولنا أن نستحضر ما الذي يمكن أن تكون عليه اليوم، ونحن في منتصف العقد الأول من القرن الواحد والعشرين.

ففي القارة الأسيوية مثلا، يقدر عدد المسلمين بأكثر من 752مليون نسمة، منهم 470 مليونا يعيشون في الأقطار الإسلامية أي بنسبة 63% تقريبا من إجمالي عدد المسلمين في آسيا بينما يقدر عدد المسلمين الذين يعيشون في أقطار غير إسلامية بأكثر من 282مليونا أي بنسبة 37% من مجموع مسلمي آسيا.

ففي الهند مثلا يجسد المسلمون نسبة 15 في المائة، و10% في الصين، 25% في جمهوريات الاتحاد السوفياتي، 12% في تايلاند، و11% في الفلبين.

بالنسبة للأقليات المسلمة في أفريقيا، فيقدر عدد المسلمين بأكثر من 293مليونا، منهم 223مليون مسلم يعيشون في الأقطار الإسلامية أي بنسبة 76% تقريبا ، ويعيش أكثر من 70 مليونا (24%من مجموع المسلمين في أفريقيا) في أقطار غير إسلامية.

ويقدر عدد المسلمين في بعض الدول الأفريقية غير الإسلامية على النحو التالي، 17 مليون مسلم في إثيوبيا و 12 مليوناً في تنزانيا و5 ملايين في أوغندا و4 مليون في كينيا و3,9

وفيما يتعلق بالأقليات المسلمة في الأمريكتين، فيقدر عدد المسلمين بما يقرب من أربعة ملايين مسلم. وتضم الجالية الإسلامية في أمريكا الشمالية أكثر من ثلاثة ملايين من المسلمين منهم أكثر من مليونين من أصل أفريقي. ويقدر عدد المسلمين في أمريكا الجنوبية والوسطى بنحو 400 ألف مسلم.

أما عن مسلمي أستراليا فيفوق عددهم  400 ألف مسلم. ويوجد في أستراليا خمس وخمسون جمعية إسلامية، وأكثر من 35 مسجدا ومركزا إسلاميا، ومعظم مسلمي أستراليا من أصل لبناني وأستراليا من القارات التي يمكن أن تستوعب أعداداً كبيرة من المسلمين.

وإجمالا، يمكن الجزم بأن هناك ما يقرب ثلث المسلمين اليوم يعيشون خارج دائرة العالم الإسلامي الجغرافي 450 مليون مسلم من مجموع ما يقرب من مليار 350 مليون نسمة، وسوف نكتفي في هذا العرض بإدراج بعض الإحصائيات الخاصة بالحضور الإسلامي في الدول الأوروبية.

جدول الإحصائيات:

أوربا الغربية- 1-

عدد المسلمين

عدد سكان البلد

 

الدول

     6 000 000

59.800.000

فرنسا

3.200.000

83 251 851

ألمانيا

1.700.000

57.236.000

بريطانيا

1.000.000

57.739.000

ايطاليا

900.000

14.805.000

هولندا

600.000

10.300.000

بلجيكا

400.000

8.800.000

السويد

400.000

7 301 994

سويسرا

650.000

40,100.000

اسبانيا

400.000

8 169 929

النمسا

700.000

10 645 343

اليونان

130.000

5 230 000

الدنمارك

40.000

5,180.000

فنلندا

350.000

10.100.000

البرتغال

55.000

4.530.000

النرويج

10.000

448.569

لوكسومبورج

50.000

397.499

مالطا

16 585.000

326799185

المجموع

في أوربا الغربية أكثر من 16 مليون نسمة.

أوربا الشرقية والبلقان –2-

عدد المسلمين

عدد سكان البلد

الدول

21.000.000

145000.000

الاتحادية الروسية

2.000.000

48,400.000

اوكرانيا

0.120.000

22 317 730

رومانيا

2.600.000

7,620.000

بلغاريا

0.030.000

38 625 478

بولندا

0.080.000

10.100.000

المجر

0.080.000

10 335 382

روسيا البيضاء

0.025.000

4.430.000

ملدوفيا

0.035.000

7.700.000

دول البلطيق

3 100,000

4.000.000

البانيا

2.500.000

4.300.000

البوسنة

2.000.000

2.283.000

كوسوفا

0.500.000

2.111.000

مقدونيا

0.600.000

4.390.000

كرواتيا

0.250.000

1.948.000

سلوفينيا

25,000

1.930.000

سلوفينيا

0.800.000

9 791 745

صربيا

3.000

10.300.000

ششيكيا

35.748.000

335.582.335

المجموع

وهذا يعني أن أوربا كلها تضم اليوم أكثر من 50.000.000 مسلم.

3- جذور الحضور الإسلامي في أوروبا

بعد مرور قرابة نصف قرن على بداية نزوحها إلى أوروبا بدأت الأقليات المسلمة تنتقل من مرحلة الاستقرار المؤقت إلى مرحلة الاستقرار الدائم، وتم هذا التحول بعد ما طرحت جانبا قضية العودة إلى الوطن الأم التي كانت حلما يراود نفوس جيل المهاجرين الأوائل وفي ظل قدوم الجيل الثاني وحتى الثالث من أبناء المهاجرين المسلمين وحصولهم على جنسيات البلدان التي ولدوا وتربوا فيها وحقوق المواطنة أصبح اهتمام الأقليات المسلمة الأساسي يتمثل في تنظيم حياة المسلمين في أوروبا وذلك عبر تأسيس وتأطير مؤسساتهم الدينية والاجتماعية والثقافية والإعلامية التي ستكون ركيزة ومحور تواجدهم الدائم في أوطانهم الجديدة، مع الرغبة في التأقلم مع ظروف الحياة الاجتماعية موازاة مع الحفاظ على هوياتهم الدينية الإسلامية في بيئة تعتبر إلى حد ما غريبة أو معادية لهم.

وكيف السبيل إلى الحفاظ على أسس عباداتهم وشعائرهم الدينية الإسلامية وإنقاذ أبنائهم من متاهات الضياع بين هويتين وثقافتين مع تجنيبهم أخطار الوقوع في مخاطر الانحرافات العقائدية، المذهبية والاجتماعية؟

نحاول في هذا البحث الإجابة عن هذه الأسئلة وإلقاء الضوء على جوانب مجهولة من حياة الأقليات المسلمة في أوربا ومشاكلها وقضاياها المصيرية.

يمكن الجزم أن القارة الأوروبية في غضون القرن العشرين يقف بشكل واضح وراء بروز الوجود الإسلامي المهم بل والمؤثر في قارتها بدون قوة أو عنف لتحولت الدار الأوروبية من دار حرب الى دار عهد وأمان ترتبط بالعالم الإسلامي في التضامن الإسلامي الشامل. وهناك اجتهادات فقهية قيمة صدرت في هذا الاتجاه، نذكر منها تلكم الصادرة عن فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي وفيصل المولوي والفقيد الراحل الشيخ عبد العزيز ابن باز. وعموما، يمكننا القول بأن الأقلية الإسلامية في القارة الأوربية تنقسم إلى قسمين رئيسيين:

 

أ: المسلمون الوافدون  وهم خمسة أصناف:

1- القادمون من الدول الإسلامية طلبا للرزق وتحسينا للوضع المعيشي ومعظم هؤلاء  ينتمون لما يصطلح عليه بالعامة.

2- الوافدون طلبا للعلم وأكثرهم من الشباب المثقف.

3- اللاجئون السياسيون وهم قسمان:

من هاجر لوجود احتلال أجنبي لبلاده (من فلسطين وكشمير وأفغانستان..)

من هاجر لتعرضه لضغط سياسي أو ديني.

4- رجال أعمال وتجار تطول مدة إقامتهم.

5- البعثات الدبلوماسية

ب: الذين اعتنقوا الإسلام من أهل هذه البلاد.

 

4-  في التعاطي القانوني مع الحضور الإسلامي:

إن لكل بلد أوروبي مضيف للهجرة طريقة في المعاملة مع الأجانب ومع الأقليات الدينية والمجموعات العرقية، وهذا يرجع لظروف تاريخية ومدى علاقة هذه الدول مع الدول الإسلامية إبان عهود الاستعمار الغربي وما بعده. ويمكننا أن نحصر ثلاث نماذج أوربية في التعامل مع هذه الأقليات الإسلامية.

1 ـ النموذج الإيبيري أو الحالة الإسبانية:

تمتد الجذور الإسلامية في شبه الجزيرة الإيبيرية وتحديدا في إسبانيا (أو الأندلس سابقا) إلى عام 92هـ الذي صادف الفتح الإسلامي للقائد البربري طارق بن زياد، حيث أصبحت الأندلس جسرا لنشر الإسلام في الجنوب الأوربي، وحصنا في آن للأمة الإسلامية من موجات التعصب الديني لدى المسيحيين، وحيث أثرت الحضارة الإسلامية وساهمت في تفعيل نهضة أوربا الحديثة التي اتخذت من المنجزات الإسلامية آنذاك في العلوم والفنون والآداب، أرضية لبزوغ حضارة إنسانية جديدة، جسدت بدورها أرضية للحضارة الغربية المعاصرة.

حكم المسلمون الأندلس من عام 92هـ إلى خروج آخر ملوك المسلمين من غرناطة عام 1492م حيث ستنقلب الأوضاع مع انتشار محاكم التفتيش (Tribunaux d’inquisition) وما تجلبه معها من تعصب ديني وتطرف مذهبي وتفشي عدم التسامح مع المعتقدات والمذاهب الدينية المخالفة، مما أسهم انطلاقا من منطق القوة العسكرية الاستعمارية، في النرويج للمذهب الكاثوليكي في جميع البلدان التي استعمرتها الامبراطورية الإسبانية، منذ حقبة الاكتشافات الجغرافية الكبرى إلى أواخر القرن التاسع عشر، على خلاف ما تم مع الإمبراطوريات الأخرى (الفرنسية والإنجليزية على الخصوص).

استمرت هيمنة جهاز الكنيسة على الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية للبلاد إلى غاية وفاة الجنرال فرانكو في أواخر 1975م، حيث طرقت اسبانيا بوابة منظومة الديموقراطية، ومع ذلك ظلت الكنيسة تتمتع بمكانة مرموقة مقارنة مع وضع الكنيسة في العديد من البلدان الأوربية الأخرى، حتى أنها تتلقى مساعدات مادية من الدولة، وهذا على الرغم من كون الدستور الإسباني في نسخة 1978 يصف اسبانيا "بالدولة اللادينية".

ليس بالغريب أن نجد صورة الإسلام في الكتب المدرسية صورة مشوهة ومغلوطة إلى ابعد الحدود، حيث يصبح الإسلام دينا غازيا أو دينا وحشيا وما عليه، إذا علمنا أن تبعات التعصب الديني والذي كما أسلفنا يجد أرضية تاريخية منذ حوالي خمسة قرون، وصلت إلى تشويه الحقائق التاريخية بحسب قاعدة "التاريخ الذي يكتبه المنتصرون" فكان طبيعيا إذا أن يطال هذا التحريف كل المعتقدات الدينية المخالف للعقيدة الكاثوليكية.

تتحدث الإحصاءات الرسمية عن وجود ما لا يقل عن 300.000 مسلم بالديار الإسبانية بينما تشير إحصائيات شبه رسمية إلى نصف مليون مسلم، ويعزو المراقبون سبب نزوح هذا العدد إلى عاملين اثنين:

-الحاجة الملحة التي دفعت إسبانيا إلى استقطاب اليد العاملة الأجنبية من خارج المجموعة الأوربية بل إن الأمر وصل إلى حد إرغام إسبانيا إبان قمة هلسنكي عام 1998 على فتح أبوابها لعمالة شابة، بغية مقاومة ضعف نسبة المواليد من جهة (إسبانيا تحتل رتبة متدنية في معدلات المواليد) وخاصة بغية الإسهام في بناء دولة حديثة وعصرية وإلحاقها بركب باقي الدول الأوربية.

-ترتب عن رحيل الجنرال فرانكو أن هبت رياح الديموقراطية على إسبانيا طرق بوابة الاتحاد الأوربي ما يجلب معه المصادقة على المواثيق الأوربية، وخاصة تلك المتعلقة بحقوق الإنسان لتتنفس الأقليات الدينية والعرقية واللغوية الصعداء، عبر صدور الاعتراف الرسمي بالتعددية الدينية والسياسية، وهو الاعتراف الذي يستحق وقفة متأنية لأهميته القصوى في ترسيخ الإسلام كديانة معترف بها أعلى الهرم السياسي الإسباني.

 

اتفاقية 1992 والاعتراف القانوني بالإسلام

كان من تبعات تعديل الدستور الإسباني عام 1978 والذي ينص على الحرية الدينية والتعبدية للأفراد والجمعيات" أن تم توقيع اتفاقية بين أصحاب القرار الإسباني، يتقدمهم خوان كارلوس (حيث وقع عليها الملك في 10/11/1992) وبين الهيئات الإسلامية الممثلة للمسلمين في 28/4/1992 والتي تنص في إحدى بنودها على "حرية العبادة وإنشاء الدور الخاصة بها، ووضع الصفة الاعتبارية للقائمين عليها" مع التأكيد على حق معتنقي هذه الديانة بالأخذ بكل ما ينادي به الإسلام في شأن الأحوال الشخصية وتحديدا فيما يتعلق بقضايا الزواج والطلاق والحجاب وكذلك فيما يتعلق بالملف التعليمي، حيث تنص المادة 27 من الدستور الإسباني على أن "القانون يضمن للآباء اختيار ما يرونه لأبنائهم من تربية وأخلاق حسب ما يتوافق مع معتقداتهم الخاصة بهم، وأن للتلاميذ المسلمين ولآبائهم وللمدارس الحكومية الحق بتعليم الدين الإسلامي في المدارس الحكومية والخاصة بشرط ألا يتعارض ذلك مع الأهداف العامة للتعليم".

نقرأ مثلا في المادة الثالثة من الاتفاقية الترخيص للقادة المسلمين وأئمة المساجد في إمامة المساجد وإرشاد وتكوين ورعاية الجالية الإسلامية، بل تثبت لهم هذه الصفة بشهادة مقبلة من قبل الجمعية التي ينتمون إليها مصادف من الهيئة الإسلامية في إسبانيا، كما تضمن نفس المادة عدم استجواب القادة والأئمة في أي حال من الأحوال بخصوص النشاط الذي يقوم بدوره، وذلك في الإطار القانوني المنصوص عليه بالنسبة للسر في المهنة.

كما تنص المادة العاشرة على تعليم الدين الإسلامي للتلاميذ المسلمين في المدارس الحكومية والخاصة المعترف بها، عبر تعيين مدرسين وأئمة يقومون بهذا الدور من قبل الجهات الإسلامية المعتمدة.

معنى هذا أن بنود هذا الاتفاق مفروض أن تمثل في الواقع غطاء قانونيا حسب التشريع الإسباني مادامت تحفظ الحقوق الدينية للمواطنين المسلمين في إسبانيا، أسوة بسائر الأديان المعترف بها، فهي تضع المسلمين في صف واحد مع الأديان الأخرى، في المحافل الرسمية كالبرلمان والحكومة وسائر أجهزة الدولة.

وهذا انفراد قانوني على الصعيد الأوربي فيما يتعلق بالأقلية المسلمة، خاصة وأن الثقافة بموادها الأربعة عشر تتضمن كل جوانب الحقوق ذات الطبيعة الدينية.

لكن الملاحظ أنه لم يتم بلورة وتفعيل هذه الامتيازات التشريعية على واقع الأقلية المسلمة، بفعل عوامل عدة، وفي مقدمتها غياب ممثلين أو ناطقين رسميين معترف بهم للتحدث باسم الأقلية من أجل مفاوضة المسؤولين الحكوميين، دون الحديث عن خلافات ثانوية سقطت فيها الأقلية حول تبني منهج تعليمي موحد، مما ساهم في إعاقة استفادة المسلمين من هذا الامتياز القانوني.

2 ـ النموذج الأنغلوساكسوني أو الحالة البريطانية

كانت حقبة "الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس" أولى الفترات التي ستعرف استقطاب اليد العاملة من شتى الأوطان والأقطار المستعمرة، ومنها الأقطار المسلمة للعمل في الصناعة البحرية، وكذا في المعامل في أوج العهد الاستعماري.

إذا كان الوجود الإسلامي من أصل مغاربي هو السائد في فرنسا وبلجيكا مقابل سيادة الأقلية ذات الأصل التركي في ألمانيا فإن المسلمين المنحدرين من شبه القارة الهندية يشكلون أغلبية في النموذج البريطاني، حيث سيعرف النصف الأول من القرن المنصرم هجرة العديد من مسلمي القارة الهندية نحو بريطانيا، قبل أن يتم تفعيل مسلسل الهجرة في منتصف القرن. وقد كان من نتائج هذه الهجرة المبكرة للعديد من المسلمين نحو بريطانيا أن أصبح المسلمون اليوم حاضرين بشتى أصولهم العرقية والوطنية في الفضاء السياسي البريطاني عبر ولوج البرلمان ومجلس اللوردات.

 

تردد رسمي في الاعتراف بالإسلام

لم يشفع هذا الاندماج في أن تعترف بريطانيا بالإسلام كدين، يجمع ويوحد أكثر من ثلاثة ملايين مسلم، ويمتد على شبكة جمعوية فعالية تتوزع على أكثر من ألف جمعية ومنظمة من مراكز ومساجد ومدارس ومؤسسات وهيئات خيرية إسلامية، حتى حقق الإسلام خلال الأعوام الأخيرة إنجازات عديدة على الصعيد السياسي، فبعد أن اقتصر تمثيلهم في السابق على المجالس البلدية والمحلية، حققوا قفزة نوعية هامة عبر الانتقال إلى غرفة البرلمان، وتنصيب أعضاء في مجلسي العموم واللوردات (الغرفة العليا للبرلمان، والذي يقابل دستوريا مجلس المستشارين عفي الأنظمة الجمهورية كفرنسا مثلا).

"مطلوب هيئة تمثيلية تتحدث باسم الجماعات الأقليات المسلمة في كل بلد من بلدان الاتحاد الأوربي"، هكذا تحدث "لينا هلم والن" وزير الخارجية السويدي في يوليو من عام 1995 على هامش مؤتمر عن الإسلام قبل أن يصل صدى هذا الإعلان عند البريطانية أشهر ليلة وراء هذا الإعلان، حيث سيصرح وزير الدولة البريطاني في وزارة الداخلية، نيكولاس بيكر، في حفل العشاء السنوي الذي أقامه اتحاد الجمعيات الإسلامية، من كون "قيام منظمة جامعة وشاملة لكل فعاليات الأقليات المسلمة متعددة الاتجاهات والآراء والمصالح، قد ترى النور في المستقبل".

يمكن حصر أهم مطالب الأقلية المسلمة ببريطانيا في النقاط التالية:

- الإفادة من التشريعات الإسلامية داخل بريطانيا فبما تتعلق بالأسر المسلمة.

- حق التمتع بالإجازات الدينية، وحق التمتع بتسهيلات يستفيد منها المسلمون خلال شهر الصوم وكذلك خلال تأدية مناسك الحج.

- ضرورة مساواة المسلمين مع غيرهم من الأقليات العرقية والدينية والمذهبية، كما هو الشأن بالنسبة للامتيازات التي تصب على الأقلية اليهودية، والتي سمح لها بتأسيس مجلس ممثلي اليهود البريطانيين دون أن تسقط عامل الوجود المبكر لليهود في الديار البريطانية، والذي يعود لستة قرون.

- تعديل قانون التجديف الذي يعتبره المسلمون ناقصا لكونه لا يجعل الدين الإسلامي على قدم المساواة مع الأديان الموحدة الأخرى التي يحميها هذا القانون.

لا نريد الاستفاضة في الآثار السلبية الناجمة عن الخلافات القائمة بين بعض رموز الأقلية المسلمة في بريطانيا، ودورها في عرقلة الوصول إلى هيئة إسلامية موحدة، مثلما جعل في الخلاف الذي دار منذ مدة بين زكي بدوي صاحب مشروع تأسيس مؤتمر المسلمين في بريطانيا وبين عزيز باشا رئيس الاتحاد الجمعيات الإسلامية، حيث وصلت الأمور إلى إطلاق العنان لاتهامات لا تخدم بالمطلق وحدة الصف الإسلامي.

من الواضح أن العديد من المبادرات الصادرة عن القصر الملكي البريطاني كان مطلوبا من ممثلي الأقلية العمل على بلورتها بما يصب أولا وأخيرا في صالح المشهد الإسلامي في ابريطانيا.

ففي عام 1944 تبرع الملك جورج السادس بأرض أقيم عليها مركز ثقافي إسلامي ومسجد كبير في منطقة ريجنت بارك.

عام 1999، وبمناسبة تكريمات رأس السنة الميلادية الجديدة منحت الملكة إليزابيت الثانية عددا من الألقاب إلى مسلمين ضمن قائمة شملت مئات الحاصلين على التكريم كما منحت الملكة مسلما على قائمة التكريم لقب السير (Sir) الذي حمله النبلاء البريطانيون تاريخيا، دون إغفال تصريحات ومحاضرات الأمير تشارلز، ولي العهد البريطاني، والذي قبل الرئاسة الفخرية لمعهد إسلامي في أوكسفورد، حتى أن ما يصدر عن الأمير تشارلز بصدد الإسلام والتعايش والحوار، أصبح عند المراقبين والباحثين نقيضا لما قدم في أطروحة "صدام الحضارات" للمفكر الأمريكي صامويل هنتنغتون.

واليوم أصبح لمسلمي بريطانيا هيئات تمثيلية وتنظيمية على أساس عرقي، كما هو الحال مع جماعة مسلمي شبه القارة الهندية بتنظيمها السياسي والاقتصادي حتى بمساجدها "الخاصة"، كما تجد جماعة المسلمين العرب بتنظيماتها المختلفة، قبل بزوغ ظاهرة جديدة تحمل اسم مجلس مسلمي بريطانيا باكستاني عربي.

3 ـ النموذج الفرنسي أو "النموذج الاستثنائي" الفرنسي.

مرجعية قانون 1905

ثمة إشكال كبير نسقط فيه عندما نتحدث عن الإسلام في فرنسا، لذلك كان محقا الآن بويير وهو مؤرخ كان مسؤولا عن قسم الشعائر التابع لوزارة الداخلية الفرنسية، ومؤلف كتاب "الإسلام في فرنسا" عندما صرح بأن هذا الإشكال يمكن أن يصدمنا ويدهشنا. ففي فرنسا الجمهورية واللانكية، يتعلق بالأمر بواحدة من الشعائر التي تخضع لقانون 1905، غير أنه لا يجب أن يعني ذلك إخفاء وطمس بعض مظاهر عدم المساواة والصعوبات التي يواجهها المسلمون لكي يمارسوا شعائرهم الدينية ويعيشوا حسب القواعد التي تتضمنها عقيدتهم يضيف بوبير.

بزغ الإسلام بحدة على فرنسا بعد مرسوم 1905 ولذلك فإنه يبقى نسبيا ديانة جديدة لكن إذا كان هناك 10000 من المسلمين يعيشون في فرنسا منذ مطلع القرن العشرين فإن قانون 1905 الخاص بالعبادات لم يهتم إلا بالكاثوليكية والبروتستانتية واليهودية بالإضافة إلى ذلك،  جاء هذا القانون ليعالج قضايا تتعلق بالماضي بهدف تهدئة الأوضاع وإقامة تسويات بين الإتجاهات الدينية.

إلى غاية القفزة الفرنسية النوعية بخصوص التعامل مع الأقلية المسلمة التي قدمت مع مبادرة وزير الداخلية السابق جان بيير شفنمان، انتهت جميع المبادرات السالفة بالفشل أو التراجع وفي مقدمتها مبادرة بيير جوكس (الإشتراكي) والذي كان أول مسؤول حكومي رفيع المستوى، انتبه وألح على ضرورة إيجاد تمثيلية للأقلية المسلمة، عبر تأسيس ماسمي "بمجلس التفكير حول مستقبل الإسلام في فرنسا" كوريف CORIF والمتكون من 15 شخصية، والذي يقف وراء صدور منشور حول المقابر الإسلامية وآخر حول النظام الغذائي محل التكنات الخ.

ثم قدمت محاولة شارل باسكوا (اليميني) بالتعاون مع مؤسسة مسجد باريس، حيث قام بإلغاء مجلس "الكوريف" كما فشل في أن يجعل من مسجد باريس قطبا عند أبرز ممثلي الأقلية، وهذا رغم الثقل التاريخي لهذا المسجد والذي تم الشروع في بنائه عام 1920، عندما وافق  مجلسا النواب والشيوخ الفرنسيان على إنشاء معهد إسلامي وجامع في باريس، وتم توفير بعض الإعتمادات له كمقابل رمزي على التضحيات البشرية الإسلامية الكبيرة، فقد حارب حوالي نصف مليون مسلم من دول المغرب العربي، ومن افريقيا السوداء في صفوف الجيش الفرنسي، واستشهد منهم أكثر من مائة ألف جندي.

تولى الشيخ قدور بن غبريط مسؤولية جمع التبرعات للتحفيز ببناء المسجد قبل أن يتم افتتاح المعهد الإسلامي والجامع الملحق عام 1920، وقد أوكلت إدارته آنذاك إلى جمعية الحبوس أو الأوقاف التي كانت قد تأسست عام 1917.

يتولى الدكتور دليل أبو بكر رئاسة جمعية الحبوس اليوم، ومنصب عمدة المسجد وهو ابن الشيخ حمزة بوبكر الذي سبق أن تولى رئاسة الجمعية والمعهد في السابق قبل فترة رئاسة الدكتور خدام التيجاني.

 

"استشارة" شفنمان

أمام هذا التاريخ الطويل من فشل وزراء الداخلية قام جان بيير شفنمان بجملة من الإستشارات دون إخفاء هدفه ألا وهو إنشاء مؤسسة مركزية من تمثيليات الإسلام في فرنسا يكون لها دور سلطة تقريرية، (قبل تقديم استقالته من حكومة ليونيل جوسيان آخر عام 2000).

لم يرغب شفنمان من هذه الهيئة أن تكون مفروضة من الدولة (وهنا تكمن فرادة المبادرة) بل من رحم الأقلية المسلمة، وأن لا تكون مثل مثيلتها البلجيكية حيث تتشكل عبر انتخاب تشرف عليه السلطات العمومية لأنه ارتأى أنها مخالفة لروح الجمهورية، وهكذا تمت مطالبة المستشارين الممثلين لأهم الجمعيات والفيدراليات والمنظمات الإسلامية بالتوقيع على "إعلان نوايا" بخصوص قوانين وواجبات المسلمين في فرنسا.

أكد المجتمعون إذن مع وزير الداخلية، بصفته الوزير المكلف بالأديان في اجتماع يناير 2000، على الإلتزام بالقوانين الفرنسية التي تفصل الدين عن الدولة (طبقا لمرسوم 1905) ، وبالمقابل وعد الوزير بأن تعترف الدولة للمسلمين بما اعترفت به لأنباء الديانات الأخرى أي حقهم في التغييب عن العمل أثناء الأعياد الدينية وخلال صلاة الجمعة واحترام خصوصياتهم الدينية في مسألتي الطعام واللبس وغيرهما.    

تميز الإجتماع الثاني المنعقد في يوم الخميس الموافق ل 20/4/2000 بإجراء متابعة البحث والتداول في عدة أمور يمكن إدراجها تحت عنوانين كبيرين هما:

-تأليف لجان للنظر في المشاكل المعيشية التي تواجه المسلمين في كافة المناطق الفرنسية، واقتراح حلول لها، ومنها على سبيل المثال بناء المساجد وتنظيم مسألة الأئمة والإفتاء ودور الجمعيات الإسلامية.

-اقتراح صيغة وطريقة لانتخاب الهيئة التمثيلية التي يفترض أن تكون الصوت الرسمي للمسلمين في فرنسا.

تضمنت لائحة الأعضاء المشاركين في "الاستشارة" الفعاليات التالية:

1-فعاليات مؤهلة، ويتقدمها وزير الداخلية الفرنسي جان بيير شفنمان.

-السيد سعادة ما مادوبا.

-الشيخ صهيب ابن الشيخ (مفتي مسجد مارسيليا).

-الشيخ خالد بن يونس.

-السيدة ميشيل شودكيريش.

-السيدة بتول فخر لامبيوت.

-السيد محسن اسماعيل.

2-تجمع الفيدراليات:

-المسجد الأكبر لباريس.

-الفيدرالية العامة لمسلمي فرنسا (F.N.M.F).

-اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا (U.O.I.F).

- جماعة التبليغ والدعوة إلى الله (T.D.A).

3-تجمع المساجد الفرنسية المستقلة.

-مسجد مونت لاجولي.

-المسجد الأكبر لليون.

-المسجد الأكبر لجنوب فرنسا.

-المسجد الأكبر لمنظمة سان دوني.

نورد بعض النقاط الهامة التي جاءت في "إعلان النوايا" حول حقوق وواجبات الديانة الإسلامية في فرنسا.

-تؤكد التجمعات والجمعيات المسلمة على تشبثها بالمبادئ الأساسية للجمهورية بخصوص حرية التفكير وحرية التدين تبعا لقانون 1905 فيما يتعلق بالفصل بين الكنائس والدولة.

-للمسلمين الحق في تأسيس جمعيات ثقافية، انسجاما مع أحكام قانون 1905، وتستطيع هذه الجمعيات وفقا للقانون إقرار تجمع وتشكيل جهاز واحد للتمثيليات الوطنية للديانة الإسلامية على غرار الديانات الأخرى المعترف بها في فرنسا.

يستثنى لهذه الجمعيات الاستفادة من امتيازات وخاصة الضريبة منها، مقابل احترام قواعد التنظيم الذي تنظمه الأحكام الشرعية.

-إن امتلاك المساجد واستخدامها يشكلان قسما أساسيا من حرية ممارسة الشعائر مع إبقاء أماكن العبادة مكرسة فقط للممارسة العمومية للدين، وبالتالي فهي مفتوحة بحرية وممنوعة على كل نشاط غريب خاصة إذا كان ذا طابع سياسي.

وإجمالا يمكننا في الأخير التنويه بمبادرة وزير الداخلية السابق، فقد أصبح اللقاء الذي جمعنا مع سيادة حدثا تاريخيا محل تاريخ الإسلام بفرنسا وكذلك في تاريخ الأقليات المسلمة في شتى أنحاء العالم ما دامت السلطة الفرنسية قد أعطت للإسلام مشروعية الوجود في الديار الفرنسية بعد أن كان المسلمون عبارة عن أقلية يتم تسيير شؤونها حسب قانون 1905 والذي كان يتعامل مع الجمعيات الإسلامية كأي جمعية ثقافية أو فنية أو رياضية، بمعنى أن الإسلام كان مسموحا به، لكن دون أي اعتراف قانوني.

الأمر مختلف الآن مع الاعتراف الرسمي بالإسلام كدين وانتخاب هيئة ممثلة وحيدة وشرعية للمسلمين تتكفل بالتحاور والتواصل مع السلطات الفرنسية، حيث سيصبح بإمكان الهيئة الدفاع عن القضايا المرتبطة بوجود المسلمين،  نذكر منها الإشراف على بناء المساجد وعلى الدعوة داخل السجون وكذلك الإشراف على التعليم الإسلامي الحر، من منطلق أن الأقلية المسلمة لا تتوفر على مدرسة للتعليم الحر على غرار ما هو متوفر للديانات الأخرى.

على أن أهم ما يميز النموذج الفرنسي، يبقى بطبيعة الحال إشراف وزير الداخلية الأسبق نيكولا ساركوزي على تأسيس المجلس الفرنسي للديانة الاسلامية، في سابقة من نوعها تعتبر تتويجا للمبادرات السابقة، وهو المجلس الذي أصبح يشرف رسميا على تمثيل مسلمي فرنسا أمام السلطة. وقد تمت المصادقة الرسمية على المجلس من خلال الوثيقة الصادرة عن المكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء، في 23 أبريل2003.

بالعودة إلى مقدمات هذا التأسيس، وجب التذكير بأنه في شهر نوفمبر1999، عقد وزير الداخلية اجتماعا قد ضم ممثلي المسلمين في فرنسا الذين شكلوا بدورهم "المجلس الاستشاري لمسلمي فرنسا". ولقد وافق أعضاء هذا المجلس على التحضير لإطار مستقبلي للهيئة الممثلة للديانة الإسلامية بالارتكاز على المساعدة الفنية والقانونية المقدمة من جانب وزارة الداخلية بوصفها "شاهد حسن النية ومسهل للأمور" وذلك عملاً بالقانون الصادر في 9 ديسمبر 1905 المتعلق بفصل الديانات عن الدولة. وتنص المادتين الأولى والثانية من هذا القانون على الآتي: "تضمن الجمهورية حرية ممارسة الشعائر الدينية... ولكنها لا تعترف بأي من هذه الشعائر".

في 3 يوليو 2001، أقر أعضاء المجلس الاستشاري الاتفاق-الإطار  (accord-cadre) الذي يحدد الشكل العام لهذه الهيئة التمثيلية للديانة الإسلامية. وفي نوفمبر 2001، أنشأ أعضاء المجلس الاستشاري جمعية لتنظيم انتخابات المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية أو .AOE-CFCM في 23 فبراير 2003، وبحضور وزير الداخلية والأمن الداخلي والحريات المحلية، السيد نيكولا ساركوزي ، حدد أعضاء المجلس الاستشاري تاريخ 6 أو 13 أبريل 2003 لإجراء انتخابات هذا المجلس. ويأتي إنشاء المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية على المستوى الوطني وكذلك إنشاء مجالس إقليمية للديانة الإسلامية على مستوى مختلف المقاطعات الفرنسية (22 منطقة تقسيم إداري وثلاثة مناطق داخل إيل دو فرانس، وفي جزيرة لاريونيون) تلبية لحاجة ملحة تحتل الأولوية تكمن في إقامة حوار بين المسلمين والسلطات العامة الفرنسية. يهدف هذا المجلس أيضا إلى تسهيل الحوار الداخلي بين مختلف المدارس الفكرية للديانة الإسلامية.

1- تشكيل المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: ضمان التعددية يهدف المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية (CFCM) وهيئاته التمثيلية الإقليمية ألا وهي المجالس الإقليمية للديانة الإسلامية (CRCM) إلى ما يأتي:

الدفاع عن رفعة الإسلام ومصالحه في فرنسا؛ – تيسير وتنظيم تقاسم المعلومات والخدمات بين مختلف أماكن العبادة؛ تشجيع الحوار بين الديانات؛

تمثيل أماكن العبادة الإسلامية لدى السلطات العامة. ومن هنا يعد تشكيل هذا المجلس ضامناً لتعدده.

 

الاتحادات السبعة:

مسجد باريس.

الفيدرالية العامة لمسلمي فرنسا .(FNMF)

اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا (UOIF).

دعوة ورسالة لصالح الإيمان وممارسة الشعائر.

جماعة الدعوة والتبليغ إلى الله.

الاتحاد الفرنسي للجمعيات الإسلامية في أفريقيا وجزر القمر وجزر الأنتي.

لجنة تنسيق للمسلمين الأتراك في فرنسا.

كبرى المساجد.

يتكون للمجالس الفرنسي للديانة الإسلامية من مجموع المجالس الإقليمية للديانة الإسلامية (CRCM)، ومن اتحادات بين مختلف الجمعيات التي تتولى إدارة شئون أماكن العبادة ونشاطها ومن المساجد الممثلة من خلال الجمعيات التي تديرها، ومن الشخصيات المنتقاة من الأعضاء القدامى في هذه الجمعيات.

بالنسبة للمجالس الإقليمية للديانة الإسلامية: فهي مشكلة من جمعيات تدير أماكن العبادة الإسلامية ونشاطها، كل منها في المنطقة المتواجدة فيها، ويمكن أن يساندها عدد من الشخصيات المنتقاة من الأعضاء القدامى في هذه الجمعيات.

إن الصفة التمثيلية لتعددية المدارس الفكرية الإسلامية الممثلة بهذه الجمعيات التي تدير شئون أماكن العبادة تتجسد من خلال الآتي ذكره:

نظام تعيين ممثلي هذه المدارس الفكرية. فإلى جانب النظام الانتخابي القائم في آن واحد على عملية اقتراع من دورة واحدة بناء على قوائم انتخابية وعلى تعيين نسبي، يسمح نظام الانتقاء بضمان تمثيل أشخاص في المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية لا يمكنهم الانضمام إليه بواسطة الانتخاب. ومن المنصوص عليه انضمام خمس سيدات إلى المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية من ضمن العشرة شخصيات المختارة.

 

نظام توزيع الاختصاصات:

جغرافيا: يتمتع المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية بصلاحية على المستوى الوطني، في حين تنحصر صلاحية المجالس الإقليمية للديانة الإسلامية على المستوى الإقليمي. وظيفيا: يتولى المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية إدارة المسائل المتعلقة بصياغة المبادئ التنظيمية العامة، في حين تدير المجالس الإقليمية المسائل المطروحة كل في أقاليمها وذلك بالرجوع إلى المبادئ العامة المحددة من قبل المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية. يعتمد هيكل تنظيمي لهذه المجالس يأخذ الشكل نفسه على المستوى الوطني والإقليمي. ويحظى المجلسان، المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية والمجلس الإقليمي للديانة الإسلامية، بهيئات متشابهة فيما يتعلق بسير العمل فيها على الرغم من اختلاف التركيبة في كل منها. وتنعقد الجمعية العمومية لهذه المجالس في دورة عادية سنوية للتباحث حول المسائل الإدارية وفي الوضع المعنوي والمالي. ويمكن أيضاً عقد دورة استثنائية لتعديل النظام الأساسي للمجالس أو لتناول موضوعات مطروحة من قبل مجلس الإدارة على الجمعية العمومية. تتشكل الجمعية العمومية للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية من 194 عضو يتم انتخاب ثلاثة أرباعهم:

150 عضو منتخب في مختلف المناطق؛  24 يمثلون الاتحادات السبعة الأعضاء في المجلس الاستشاري لمسلمي فرنسا (ومن المتوقع انضمام مزيد من الاتحادات لهذه الهيئة في المستقبل)10 ممثلين للمساجد الخمسة الأعضاء في المجلس الاستشاري لمسلمي فرنسا (ومن المنتظر مشاركة مساجد أخرى في هذه الهيئة في المستقبل)10 شخصيات رفيعة المستوى متخصصة. بالنسبة للمجالس الإقليمية للديانة الإسلامية، فالجمعية العمومية تتشكل من: - 20 إلى 500 مفوض من الجمعيات المكلفة بشؤون الإدارة للديانة الإسلامية، ويرتبط هذا العدد بالمساحة المقدرة وفق نسبة متزنة لكل دار من دور العبادة.

يتكون المكتب التنفيذي التابع للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية من 11 إلى 17 عضواً. أما المكتب التنفيذي للمجالس الإقليمية للديانة الإسلامية فيتشكل من 5 إلى 12 عضوا. يعكف المكتب التنفيذي على اقتراح قرارات أو توجهات العامة خاصة بالمسائل المبدئية ويتولى أيضاً تنفيذ القرارات المتخذة من قبل مجلس الإدارة أو الجمعية العامة. يجتمع المجلس التنفيذي في دورات عادية أو استثنائية ويتخذ قراراته بأغلبية ثلثي أعضائه في المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، وبأغلبية أربعة أخماس الأعضاء في المجالس الإقليمية للديانة الإسلامية. ومن أجل ضمان أكبر قدر ممكن من الفعالية في كل هذه الهيئات، أي في المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية والمجالس الإقليمية للديانة الإسلامية، يجرى التنسيق من خلال قنوات مختلفة تحت سلطة الرئيس، وهو المتحدث الرسمي في كل من هذه الهيئات.

 

5 - إشكاليات فقهية خاصة بالأقليات الإسلامية:

أزمة فقة الأقليات الإسلامية

لا شك بأن الأنظمة والقوانين وطرق تعاطي السلطات والمجتمع مع الإسلام كدين ومع المسلمين كمجموعة لها الحق في إبراز هويتها الدينية والثقافية والمحافظة عليها تختلف من بلد إلى آخر. وبالتالي فإن المعوقات التي تواجه المسلمين ليست نفسها في كافة أنحاء دول أوروبا الغربية، وأعتقد أن دراسة وضع كل بلد على حدة تحتاج حيزا كبيرا لا نملكه ، من هنا آثرت أن أشير إلى الخطوط العريضة للمصاعب  التي تعترض المسلمين في مجمل الدول الأوروبية دون تفصيل بين ما هو متاح هنا وممنوع هنا.

ولنبدأ مع موضوع العبادات، ونوجز أهم العراقيل المتعلقة بهذا المحور التعبدي في النقاط التالية:

ــ قلة الأماكن اللائقة المخصصة للصلاة.

ــ صعوبة تأدية الصلاة في أوقاتها بسبب دوام العمل أو الدراسة أو عدم وجود أماكن تسمح بذلك أو بسبب عدم الإذن من قبل المسؤولين.

ــ صعوبة الإفطار في الوقت المناسب في رمضان للأسباب المذكورة نفسها في عدم إعطاء إجازة خاصة بتأدية فريضة الحج في الوقت الشرعي لذلك.

محور الأحوال الشخصية:

ــ عدم الاعتراف بنظام الإسلام في الأحوال الشخصية، وإذا كان عقد الزواج الإسلامي يواكب حاليا العقد المدني وبالتالي تقل تأثيرات التصادم فإن الطلاق يكون غالبا وفق المحاكم الأوروبية والمخالفة لنظام الإسلامية تصيب في الصميم النسيج الأسري للعائلات المسلمة. أعني بذلك أحكام المهر – المتعة – النفقة – الحضانة…إلخ.

ــ عدم وجود مرجعية إسلامية واحدة في عقود الزواج المنجزة في المساجد مما يسبب بلبلة لجهة إمكانية أن ينشئ الفرد – رجلا كان أو امرأة- أكثر من عقد زواج في أكثر من منطقة.

 

محور الميراث:

حيث لا تقر النظم الأوروبية بحق المسلمين في التوارث وفق أحكام الشريعة الإسلامية. وأعتقد أن من أهم ما يجب أن يطالب به المسلمون في أروربا هو الاعتراف بحقهم في قانون أحوال مؤسس على أحكام الشريعة مع إنشاء نظام إجرائي وقضائي يضمن تنفيذه والسهر عليه.

 

محور الأطعمة:

من الحقوق الهامة للمسلمين حقهم في وجبة طعام وفق أحكام دينهم في كل المؤسسات العامة التي يوجدون فيها: المدرسة – الجيش – أماكن العمل… إلخ. وضرورة تأمين ما يتتبع العمل بهذا الحق من مرافق بنية تحتية تضمن تطبيقه على أحسن وجه.

 

محور التربية والتعليم:

التعليم الديني في كافة المدارس وفق مناهج متخصصة وضعها خبراء مسلمون في التربية الدينية على أن يدرس هذه المناهج مدرسون مسلمون أكفاء ضمن نظام تربوي.

الإذن للمسلمين بإنشاء مدارس خاصة لإعداد الأئمة والخطباء والدعاة.

الإذن للمسلمين بإنشاء مدارس مدنية ومهنية أوروبية.

الإذن للمسلمين بتأسيس جامعة إسلامية.

 

محور الخدمة العسكرية:

حق المسلم في ممارسة شعائره الدينية خلال خدمته العسكرية وحقه أن لا يرغم على ما يخالف مبادئه الدينية.

 

محور العبادات:

 وهو الذي يهمنا أكثر نظرا لكثرة الإشكاليات الفقهية المرتبطة به، وسوف تكتفي في هذا المقام الكريم مادمنا أمام خيرة الفقهاء والمشايخ في العالم الإسلامي، باستعراض أهم الأسئلة الفقهية اللصيقة بهذا المحور الإشكالي بامتياز:

 

هل الكافر طاهر الذات أم نجس الذات؟

هل يجب الختان على من أسلم؟

ما هو حكم الصلاة في معابد أهل الكفر؟

هل يصح الدفن في التابوت؟

هل يصح دفن المسلم في مقابر الكفار؟

هل يصح أن يحمل كافر في جنازة مسلم؟

هل يصح أن يعزي مسلم كافرا؟

كيف نحسم مع صيام أهل القطبين؟

ما هو موقف الشرع الحكيم من الصلاة بالحزام الجلدي أو المحفظة الجلدية قد تكون مصنوع  من خنزير؟

عن حكم اقتناء الكلاب وأحكام الطهارة منها؟

أحكام المعاملات:

حكم التعامل في الربا في ديار غير المسلمين؟

ما هو حكم شراء المنازل عن طريق البنك؟

ما هو حكم الأكل في مقهى أو مطعم يباع فيه الخمر؟

ما هو حكم الإيداع بالبنوك غير الإسلامية؟

ما هو حكم دعم مرشح سياسي شيوعي أو ملحد؟

ما هم حكم نكاح الكتابية في دار غير الإسلام؟

ما هو موقف الشرع من التلقيح الصناعي واستعمال العقاقير الطبية المانعة من الحمل ووضع اللولب؟

ما هو الحكم من "نكاح المصلحة" وهو النكاح الذي يتم بغرض تحقيق مآرب إدارية؟

ما هو حكم ترقيع جسم الإنسان بعضو من أعضاء جسد الحيوان، بما في ذلك الكلب والخنزير؟

ما هو موقف الشرع مما يصطلح عليه ب"القتل الرحيم"؟

هذا غيض من فيض، والأسئلة الفقهية الحرجة والخاصة بالأقلية الإسلامية تكاد لا تحصى وتتطلب الحسم في العديد من الاجتهادات الفقهية، والحسم بين مبدأ تعريب الفتاوى أو استيراد الأئمة أو إعمال اجتهاد ذاتي خاص بعلماء وفقهاء الأقلية، أو التوفيق بين هذه الخيارات الثلاثة.

 

6 - الأقليات المسلمة في أوروبا: من الوجود إلى المثالية

بعد هذا العرض المقتضب لواقع الجالية الإسلامية بأوروبا رغبة منا في المشاركة بقسط من التفكير، نورد بعض المقترحات التي يمكن أن تسهم في رفع مستوى الجالية من الحالة المتردية التي تعيشها، إلى مستوى رسالي يمكنها من تحضير الفعل الحضاري مع الآخر  الذي  يشاركها الزمان و المكان، ويمنحها قوة التمكين في هذا الوجود نحاول  طرح هذه المتطلبات والخاصة بعدة مجالات:

 

ــ في المجال الديني.

ــ تحرير المعالم الكبرى للعقيدة والشريعة والسيرة النبوية والفتوحات الإسلامية من طرف مسلمين أوروبيين، كل بلسان قومه.

ــ دعوة الجمعيات الخيرية إلى المساهمة في تشييد المساجد و المراكز الإسلامية في مختلف البلدان الأوروبية حتى يتسنى الحفاظ على الهوية الإسلامية الأجيال القادمة وحتى نسهم في تفعيل صيرورة التعبد الإسلامي.

ــ السهر على إرسال بعثات من الدعاة ممن تحسن النطق بلغات الدول الأوروبية.

ــ العمل على دعم دور المساجد أو أماكن العبادة، بأئمة أكفاء متمكنين من العلوم الشرعية، ومن المؤمنين بضرورة الاجتهاد، تبعا للظروف الزمكانية، والتي لا تتعارض مع النصوص القطعية الدلالة.

 

لهذا نرى أن على الداعية بأوربا أن يكون:

1 – ملما بالعلوم الشرعية من فقه، حديث، القرآن وعلومه

2 - ملما باللغة العربية وبعض اللهجات الأصلية (كالريفية بالمغرب، القبائلية بالجزائر).

3 – أن يكون مطلعا على لغة بلد الإقامة.

4 – أن يكون متتبعا لسوسيولوجيا ومكونات المجتمع الأوربي: ثقافة وحضارة

5 - أن يكون عارفا  بقوانين البلد المقيم: حتى لا يخرج ولا يخرج الناس عليها

6 – القدرة على توحيد الكلمة وتنظيم الناس.

 

المجال العلمي

ــ تأسيس معهد إسلامي أوربي ذي فروع في دول الاتحاد الأوربي يسيره نخبة من أبناء الجالية المسلمة من متحمسين للدعوة والعمل الإسلامي ومن حصلوا علميا وإعلاميا لدراسة وحصر مشاكل الجالية من أفراد وجماعات، وربط الصلات معها، تمهيدا لوضع خطة تقويم محكمة بعيدة المدى بمساعدة المؤسسات الاجتماعية والتربوية المحلية والدولية، تسهم في رد الاعتبار والطمأنينة للجالية، وتفتح أبواب الأمل والثقة في وجه الشباب المسلم المقيم أو المزداد في أوربا.

ــ إعادة ترجمة معاني القرآن الكريم من طرف عرب مسلمين أمناء لهم من العلم الشرعي الباع الكبير ومن اللغات التمكين القوي.

ــ الاهتمام بالكتاب الإسلامي المترجم، ونوعه وصحة ما فيه من معلومات ومقارنتها بالأصلية وبطبيعة المعطى الأوربي.

ــ تبادل الوثائق والمخطوطات والمطالبة بصور مستنسخة منها ودمجها في بنك معلومات، مع توجيه الطلاب في البحث والتنقيب وتحقيق نصوص التراث ودراستها.

ــ تشجيع التوأمات والعمل المشترك بين الجامعات الإسلامية والجامعات الأوربية من أجل تبادل الخبرة والتنسيق والتعاون لخدمة أبحاث ودراسات الاستشراق المنصف.

ــ محاربة الجهل والأمية مهد التطرف والتنطع عن طريق التعليم وتشجيع منابر الحوار الموضوعي.

ــ إحداث مرصد للمعلومات ومختلف المعطيات التي تتعلق بالجالية الإسلامية وتطورها بأوربا، لتتبعها وتحليلها والاستفادة منها في تطوير العمل وتجديد أساليبه وتحديثه.

 

المجال التعليمي:

ــ إعطاء الأولوية لإنشاء ودعم التعليم الإسلامي بأوربا، وتقديم مساعدات من قبل المؤسسات والهيئات الإسلامية الخيرية المحلية والدولية. (من صنف البنك الإسلامي للتنمية، رابطة العالم الإسلامي، الجامعات الإسلامية والقومية).

ــ تأسيس مدارس وكتاتيب حفظ القرآن الكريم ودراسة علومه وعلوم الحديث والفقه.

العمل على وضع مناهج وبرامج لتعليم اللغة العربية وفق المناهج المعمول بها بدول الاتحاد الأوربي.

ــ العمل على وضع مشروع تدريس الإسلام وعلومه وفقه الثوابت الشرعية ومتغيرات الواقع الأوربي.

ــ دعوة رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال من المسلمين إلى الاستثمار في مجال التعليم بإقامة مدارس حرة إسلامية خاصة لأبناء الجالية المسلمة في أوربا.

ــ تخصيص منح دراسية لأبناء الجالية المسلمة وقوافل المهتمين مع توفير لهم المساعدة المطلوبة لمتابعة دراساتهم الإسلامية بالوطن العربي قصد الرفع من مستواهم الجامعي والتربوي (كما هو قائم مع بعض مبادرات منظمة الايسيسكو).

ــ إعداد برامج تربوية إسلامية هادفة تأخذ بعين الاعتبار ثقافة الطفل الإسلامية ومحيطه الاجتماعي الأوربي.

 

في المجال الاجتماعي:

ــ توفير ظروف الزواج وتبعاته من متعلقات الأحوال الشخصية وقضاياه المختلفة كالطلاق والنفقة والحضانة والإرث وما إليها، وتيسيرها لتشجيع ارتباط الشباب المسلم، تجنبا لمآزق عقود النكاح مع زوجات أجنبية.

ــ إقامة مخيمات ومراكز الأطفال والشباب في نطاق تأطير يتمحور حول مقومات الهوية، وكذا تنظيم رحلات لمختلف البلاد الإسلامية تندرج في نفس الإطار.

 

في المجال الثقافي:

ــ مطلوب حصر العناصر المرسخة لمنظومة الهوية الإسلامية بالاعتماد على الصحيح من التراث (دينا ولغة وتاريخا).

ــ يجب فرز الدخيل على الأصيل بين الهوية الإسلامية وما هو من العادات من العبادات وما هو من التقاليد من المعالم المرسومة.

ــ بحث إمكانية التوفيق بين قيم الهوية ومقتضيات المجتمعات الأوربية ليكون العمل والتعامل مع المتفق عليه والاعتذار على المختلف فيه والعمل على التقريب.

ــ استغلال المستجدات العلمية في تلقين الثقافة، سواء تعلق الأمر بأساليب سمعية وبصرية أو بأدوات الاتصال الجديد كشبكة "الأنترنت".

ــ تأسيس شبكية إسلامية في شبكة "أنترنت" للتواصل الحضاري ونقل الأخبار والمعلومات، على شاكلة مجهودات شبكة "إسلام أون لاين".

 

في المجال الإعلامي:

ــ مطلوب تأسيس فضائية إسلامية تبث على مدار اليوم بلغات الاتحاد الأوربي (وفي مقدمتها الفرنسية، الانجليزية، الإسبانية والألمانية) موجهة للمتتبع الأوربي هدفها خلق فضاءات الحوار والانفتاح الثقافي وطرح الإسلام بأسلوب عصري، حضاري وموضوعي.

ــ إصدار مطبوعات أسبوعية أو نشرات دورية بلغات الاتحاد الأوربي، هدفها تفنيد ادعاءات المغرضين وطرح المشروح الحضاري الإسلامي، على أن تكون همزة وصل بين مسلمي أوربا وباقي الأمة الإسلامية.

ــ تقديم برامج دينية وتربوية ومناقشات ثقافية على أمواج القنوات الفضائية العربية المقيمة في الدول الأوروبية أو القنوات العربية التي تبث من الوطن العربي.

 

7 - خلاصات:

كانت هذه بعض المعطيات الميدانية من واقع الجالية المسلمة أو الأقليات المسلمة في أوربا، وهي تبرز مدى تفاعلها الرسالي مع حضارة مادية، ومستوى تعايشها السلمي في بيئة غير مهيئة لها إن لم نقل معادية بسبب تراكم تاريخي قلق بطول الخوض فيه.

ولقد ساهم الاستشراق السلبي في تعقيد الأمور في غياب المنهج الموضوعي والمنصف لدراسة قضايا الشرق. مما دفع ببعض المفكرين اليوم نحو تأصيل لفكرة الصراع الحضاري، خصوصا بعد انهيار المعسكر الشيوعي، فلم يبق في منافسة الساحة الفكرية الغربية إلا الفكر الإسلامي الذي يحمل في طياته أسباب القوة والتحدي للمنظومة الرأسمالية السائدة اليوم.

مطلوب إذن مجابهة المشاكل التي تتخبط فيها الأقليات الإسلامية في أوربا من وضعية اجتماعية مزرية،  مستوى ثقافي منحط تمزيق تنظيمي يصعب فرز تمثيلية قادرة على الحوار، ومن غياب الوعي السياسي الذي يدفع عجلة تطبيع سياسي غربي شرقي، كل هذه مقدمات تعوق رسالتها ووظيفتها في ظروف تتسم بالاضطراب وعدم الاستقرار.

تبقى الأقليات الإسلامية في حاجة ماسة لحل إشكالية وجودها في الغرب، وما يفترضه هذا الوجود من صراع مستمر بين متطلبات تحقيق الذات وتأكيد الانتماء والحفاظ على الهوية، ومتطلبات الاندماج والتكيف مع بيئة لا تساعد على الحفاظ على الهوية، بل تعمل بكل الوسائل من أجل تحقيق الذوبان والانصهار الكامل في الحضارة الغربية. لذلك أصبح تطلع منذ مدة على أصوات أوروبية تراهن على المرأة المسلمة، على الأجيال الصاعدة من أجل تحقيق ذلك "الاندماج" الكلي، الأمر الذي يتطلب مزيدا من الحذر وبذل المزيد من الجهد لإيجاد السبل الكفيلة بضمان محافظة الأقليات الإسلامية على هويتها وخصوصيتها الثقافية والحضارية التي تنبع أساسا من الدين واللغة والتاريخ.

والتمسك بالهوية لا يعني الانغلاق، فنحن أمة الانفتاح والحوار، تبعا لما ورد في المرجعية القرآنية والسنة المحمدية، وهذه المرجعية لا تنفي التعامل مع الآخر الحضاري تعاملا واعيا موزونا ومنصفا "إنا جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم" كما أشار إلى ذلك القرآن الكريم.

إن الوجود الإسلامي في أوروبا الغربية يشكل حالة غير مسبوقة في تاريخ العلاقة بين الغرب المسيحي والشرق الإسلامي ويمثل فرصة نادرة للتعايش إن توافرت المقومات التي تضمن استمراريته ولكنه في الوقت نفسه يفرز تحديات كثيرة أبرزها الصعوبة التي يواجهها المسلمون على مستوى الفرد أو الجماعة في التوفيق بين الالتزامات الدينية والمشاركة الفاعلة في الحياة المدنية.

وحتى يتم التغلب على هذه الصعوبات فإنه لا بد من خطوات متقابلة في هذا السبيل. فالنظام الأوروبي مطالب بسلسلة من التشريعات التي تقر بحق الأقليات الإسلامية في الحفاظ على دينها وهويتها الثقافية وتنظم لهم الوسائل القانونية والإدارية لممارسة هذا الحق في إطار المجتمع الأوروبي.

وأمام ما يتعرض المسلمين من صعوبات في تأكيد الهوية الدينية، فإن الفقه الإسلامي- عبر المجتهدين المعاصرين – مطالب بمعالجة خصوصيات الوجود الإسلامي في أوروبا استنادا إلى ميراث التشريع الإسلامي بالمرونة وعدم الجمود والعموم والصلاحية لكل زمان ومكان. مع الأخذ بعين الاعتبار ما قرره الأصوليون من سلم أولويات يقسم مصالح الناس إلى ضروريات وحاجيات وتحسينات وينظر في حجم المصالح والمفاسد إذا تعارضت فيقضي بجلب المصلحة الأعظم أو دفع المفسدة الأعظم بناء على الشريعة إنما وضعت لتحقيق مصالح العباد في العاجل والآجل.

إن الأقليات الإسلامية في أوروبا في حاجة إلى توجيه وتكوين مسلمين حقيقيين، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا إذا وجد الإطار الثقافي والاجتماعي السليم. لذلك لابد من بنيويا أساسا بالجوانب التربوية والتعليمية والاجتماعية والاقتصادية للجالية المسلمة، وعلى الدول الإسلامية أن تتعامل مع هذا الواقع الجديد للأمة الإسلامية بذكاء وبروح التعاون الإسلامي، فهي الوسيلة الكفيلة بضمان مستوى أحسن وعيش أفضل لهذه الجالية، وفوق كل هذه المعطيات علينا إضافة التحديات الداخلية وخاصة الخارجية تلك المفروضة على العالم الإسلامي برمته بسبب تداعيات الأحداث الدموية والاعتداءات الإرهابية التي تشهدها العديد من الدول العربية والإسلامية.

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.   

مراجع المبحث:

ــ محمد بشاري. واقع الأقليات الإسلامية في القارة الأوروبية. ورقة مقدمة للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية. القاهرة. مصر. 1997

ــ محمد بشاري. صورة الإسلام في الإعلام الغربي. دار الفكر. دمشق. الطبعة الأولى. 2004

ــ محمد محمود محدمين (الأستاذ المساعد في جامعة الملك سعود.) خريطة العالم الإسلامي. دراسات مجلة كلية التربية. جامعة الملك سعود. 1982. ص 210

ــ غلاب محمد السيد، حسن عبد القادر، محمود شاكر (البلدان الإسلامية والأقليات الإسلامية في العالم المعاصر) من مطبوعات المؤتمر الجغرافي الإسلامي الأول، صفر سنة 1399هـ/يناير سنة 1979م.

ــ محمد محمود: خريطة العالم الإسلامي. دراسات مجلة كلية التربية، جامعة الملك سعود. 1982م، ص 210.

ــ اعتمدنا في سرد هذه الأمثلة على ما قدم في الورقة المقدمة لمؤتمر الوجود الإسلامي في التشريعات الأوربية بباريس 11-12/1/2000 من قبل الأستاذ عبد الصمد أنطونيو روميرو رومان، عن مؤسسة الثغرة الثقافية الإسلامية في إسبانيا.

ــ   الدكتور حيدر ابراهيم علي. أزمة الأقليات في الوطن العربي. دار الفكر. دمشق. 2002