الإسلام دين الرحمة والمحبة والإخاء

الإسلام دين الرحمة والمحبة والإخاء

الإسلام دين الرحمة والمحبة والإخاء

عفاف الحكيم
باحثة الإسلامية من لبنان

 

قال تعالى:{يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون. واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته أخوانا}
يمثل الإيمان قاعدة انطلاق كبرى في العلاقات البشرية.. لكونه يخرج الناس من أتون العداء والشحناء والبغضاء, إلى رحاب الرحمة والمحبة والإخاء..
ولذا يذكّر الله تبارك وتعالى المؤمنين عبر الآيات الكريمة بهذه النعمة وبهذه القيم المعنوية السامية التي قلبت حياتهم الاجتماعية رأساً على عقب فيذكرهم بأن هذا التحول الذي يعيشونه..لم ينطلق من فراغ ولم يحدث على سبيل الصدفة وإنما حصل كنتيجة مباشرة لمعطيات الإيمان الحضارية التي شكلت نقطة البدء لإنسان جديد بات يعشق القيم ويتطلع إلى آفاق العلم والمعرفة, ويسعى إلى إحراز تقوى الله, والسلوك المثالي, وعمق الحس الإنساني..
إنه الإنسان الذي هجر العصبية والعنصرية وانتفض على رواسب الجاهلية رغم استفحالها.. وهب ممتشقاً سلاح القيم الربانية التي استحوذت على العقول والقلوب بعد ان تصدرت سلم الأولويات في اهتمامات رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وآل البيت(عليهم السلام) وتوجيهاتهم الاجتماعية لكونها الطريق الأمثل لتشييد بناء اجتماعي متماسك وإقامة مجتمع قوي متراص الصفوف يشد بعضه بعضاً, مجتمع يسوده الوئام والانسجام والعدالة والحكمة والتآخي بين أفراده..
وان مجتمعاً بهذه الكيفية والتطلعات لا بد له بالضرورة من توفر رابط يربط بينه وبين ربه ورسالته من جهة ويربط بينه وبين سائر أفراد المجتمع من جهة أخرى.
وأن من أهم الروابط التربوية والروحية التي يحتاجها هذا المجتمع بعد الإيمان بالله تعالى والدين هي نشر قيم الرحمة والمحبة والأخوة التي تشكل الدعامة القوية التي يقوم عليها البناء.. باعتبار أن هذه القيّم من منظور الإسلام هي بمثابة الروح في الجسد الذي لا يمكن له أن يستغني عنها لكونها حين تشق طريقها كي تسري في عروق المجتمع وشرايينه, فإنها تدخل في صميم وصلب مختلف النواحي الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها, بحيث لا يكون بالوسع تقدير حجم الانعكاس والإيجابيات.
السيرة النبوية المطهرة وترسيخ القيّم:
تعتبر السيرة النبوية المطهرة بمثابة العمود الفقري لرسالة الإسلام التي حملها رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) إلى المجتمع البشري كافة.. فكانت الوسيلة الفاعلة والمؤثرة للأسوة والقدوة والتأسي بصاحب الرسالة العظمى(صلى الله عليه وآله وسلم) وكانت المعيار لحياة المسلم..كما بات من خلالها يعرف الملتزمون, فهي السراج الوهاج في شؤون الحياة البشرية, والمرآة الصافية للدنيا كلها بحيث يرى فيها كل إنسان صورته وروحه وقوله وعمله وخلقه وأدبه, وإن من يتتبع أحداث السيرة النبوية في مكة أو المدينة المنورة ويدرس الجهود الموفقة التي بذلها النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) في الإصلاح والتأسيس والبناء للمجتمع المسلم والدولة الإسلامية, يجد أن من أبرز الخطوات التي قام بها (صلى الله عليه وآله وسلم) هي تركيز المبادئ والقواعد المنظمة للسلوك الإنساني على ضوء ما حددته التعاليم الربانية لتنظيم حياة الإنسان وتحديد علاقته بغيره, على نحو تحقيق الغاية من وجوده في هذا العالم على أكمل وجه.
ومن هنا ندرك عظمة وأهمية ما نملك.. فخلق المسلم وآدابه آداب ربانية مصدرها الوحي, ولذلك فهي ثابتة ومثل عليا.. تصلح لكل إنسان بصرف النظر عن جنسه وزمانه ومكانه.. إنها أخلاق عملية هدفها التطبيق الواقعي وبيان طرق التحلي بها, وأن مصدر الإلزام فيها هو شعور الإنسان بمراقبة الله تعالى له.
كما وإن مبادئها تقنع العقل السليم وترضى القلب والوجدان, فهي لا تحكم على الأفعال بظاهرها فقط وإنما تمتد النوايا..
والأخلاق الإسلامية كذلك تمتد علاقاتها لتشمل كل مجالات الحياة لأنها تمتاز بالشمولية.. بحيث تحتضن حياة الإنسان من المهد إلى اللحد في كل مجال من المجالات الإنسانية الداخلية والخارجية, فللفكر أخلاق وللاعتقاد أخلاق وللقلب أخلاق وللبدن أخلاق.. أخلاق معلله مفهومة ليست تحكمية مجردة من أي تفسير.. أخلاق وسطية متوازنه جامعة بين الدنيا والآخرة, والروح والمادة, والعقل والقلب, والحق والباطل.
لذلك نجد أن لخلق وتعامل المسلم دور كبير في دخول العديد من الأفراد إلى دين الإسلام..
وأن من ينظر إلى سيرة المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم) يجد إنه كان يتعامل مع الناس بقدرات ومهارات أخلاقية عالية ملك بها ليس فقط قلوب من حوله وإنما قلوب البشر.. وجعلها سبباً لمحبته والقرب منه.
فعنه (صلى الله عليه وآله وسلم) {أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحسنكم أخلاقاً}
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) أيضاً {أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم أخلاقاً}
وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أيضاً {ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق}
فمجتمع الإسلام الأول حقق قمة الانتصار والمجد بمبادئه وقيمه وخلقه العظيم الذي كان من شأنه التأليف بين القلوب كافة, وإزالة البغضاء والشحناء عنهم إضافة إلى نشر قيم المحبة والرحمة والإلفة والتواد والتراحم والإخوة بينهم..
فالإسلام يحرص كل الحرص على أن تسود المحبة والإخوة بين الناس جميعا, بين الشعوب بعضها وبعض, لا يفرّق بينهما عنصر أو لون أو لغة أو وطن وبين الطبقات بعضها وبعض فلا مجال لصراع أو حقد وإن تفاوتوا في الثروة والمنزلة وفضلّ الله بعضهم على بعض في الرزق ..
وحين هاجر النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) إلى المدينة كان أول أعماله تأليف القلوب على طاعة الله, إذ ألّف بين الأوس والخزرج بعد حروب طاحنة بينهم فزادت محبتهم وانقطعت عداوتهم وصاروا بالإسلام إخواناً متحابين, وبإلفة الدين أعواناً متناصرين قال تعالى{واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً}آل عمران/103
فكانت تلك نعمة سابغة امتن بها على المؤمنين فقال(صلى الله عليه وآله وسلم) {يا معشر الأنصار ألم أجدكم ضلالاً فهداكم الله بي؟وكنتم متفرقين فألفكم الله بي}
وإنه من هنا يقال بأن أول المعجزات التي رافقت الدعوة الإسلامية من البداية- هي هذا الانجذاب والتحول- باعتبار ان حركتها كانت في مجتمع متناحر تسوده القسوة والخشونة غير أن رسالة نبي الرحمة تمكنت في فترة وجيزة من تحقيق السلام والأمان في هذه المنطقة المضطربة المنقسمة..
فالمبادئ والقيم التي نادى بها رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) كقواعد منظمة للسلوك الإنساني.. هي التي تبني المجتمعات, وهي التي تبني الأمم والشعوب, وهي التي إذا تمسكت بها مجتمعاتنا المعاصرة وسارت عليها, زال عنها ما وقعت فيه من التفكك والتخلف والتخاصم والتخاذل.. ولسادت فيها من ثم قيم الرحمة والمحبة والإخاء وغيرها من جملة الأخلاق والفضائل التي تميز بها المسلم.. غير إننا هنا وبهدف تعميم روح الألفة بين قطاعات الأمة نتوقف مع القيم الثلاث التي ساهمت بتكوّن ونهوض خير أمة أخرجت للناس..
أولاً:الإسلام دين الرحمة :
 وهي صفة تقتضي إيصال المنافع والمصالح إلى الناس وإن كرهتها أنفسهم وشقت عليهم.. وقد جاءت الرحمة في القرآن بمعاني كثيرة, منها أنها تعني الألفة والمحبة بين أهل الإيمان كما في قوله تعالى{وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة}الحديد
 وهذه العاطفة الإنسانية التي أودعها الله تبارك وتعالى في نظرة الإنسان ودعمها وعمل على تنميتها بتعاليم الأنبياء لتكون قاعدة وأساسا لعلاقات الأفراد والجماعات..هي في الواقع أساس العقيدة, لأنها قاعدة بين الله والإنسان, وأساس العلاقة بين الأمة والنبي, كما وإنها أساس المجتمع الإنساني الذي يقوم على أساس هذه القاعدة وإلى هذا فهي صفة من صفات نبي الهدى والرحمة.. قال تعالى في وصفه لرسول الله والمؤمنين الذين كانوا معه(صلى الله عليه وآله وسلم) {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم}الفتح
 ولقد كان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) رحيماً بالخلق عموماً وبالمؤمنين على وجه الخصوص ولذا وصفه تعالى بذلك فمدحه وبيّن فضله:{فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك} آل عمران وقال تعالى في سورة التوبة {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتّم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم}
مقومات الرحمة:
لقد شرع الإسلام أروع المناهج المؤدية إلى التراحم والتعاطف كي تشيع الرحمة والمحبة والإخاء باعتبار أن هذه القيم من أهم الوسائل ومن أوثق الأسباب المؤدية إلى اتصال الناس بعضهم ببعض فعن الإمام الصادق(عليه السلام) أنه قال{اتقوا الله وكونوا أخوة بررة متحابين في الله متواصلين متراحمين تزاوروا وتلاقوا وتذاكروا أمرنا وأحيوه}
وعليه فلا بد للإنسان من أن يعمل على تعزيز مقومات الرحمة التي هي أساس كل خير في نفسه لأن تنمية حب الله ورسوله وقرباه وأوليائه في النفوس أصل من أصول المنهج الإسلامي وبدونها يتحول الإنسان إلى فظٍ غليظ القلب.. لا يتصالح مع نفسه ولا مع الآخرين, وينفضّ الناس من حوله, ولأن هذه الرحمة إن نمت فأنها تطبع بطابعها كل علاقات الإنسان مع الخالق والخلق, بل حتى مع الحيوان والجماد.
من هنا فإنه بمراجعة سريعة للتعاليم الدينية والنصوص الإسلامية نكتشف بوضوح مدى حرص الإسلام على طهارة ونقاء نفس المؤمن ليتمكن من النهوض بمسؤوليته العظيمة ودوره الخطير في هذه الحياة باعتبار أن الصراع الداخلي يستلزم تلوث النفس بالكراهية والحقد على الآخرين من أبناء المجتمع (وما أفتك الحقد) بطهارة القلب..إنه ورم خبيث وجرثومة مقيتة تجعل النفس مظلمة متآكلة.. لذلك يقول الإمام علي(عليه السلام) {الحقد الئم العيوب} وفي حديث آخر يبارك (عليه السلام) لمن عافاه الله من مرض الأحقاد بأنه يعيش راحة في قلبه وتفكيره يقول(عليه السلام){من اطرح الحقد استراح قلبه ولبّه}
ولذلك نشفق على أولئك الناس الذين يشغلون قلوبهم بالأحقاد على الآخرين لا لشيء إلا أنهم يختلفون معهم في رأي أو موقف.. إن المؤمن ليدعو الله من أعماق قلبه أن يطهر نفسه من مرض الأحقاد والعداء للمؤمنين قال تعالى{ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا أنك رؤوف رحيم}الحشر/10
فلا شك أن الخصومات تضعف دين الإنسان وتقلل إنتاجيته وفعاليته وتكرس في نفسه الشكوك وعدم الثقة بالآخرين, وإذا ما تورط الإنسان في الخصومة والنزاع مع الآخرين يصبح بين خيارين أما التنازل والقبول بالهزيمة, أو إيقاع اكبر قدر من الخسائر في الطرف الآخر وكلاهما مشكل للإنسان المؤمن ..
ومن هنا ندرك مبلغ التشديد من قبل رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) على الرحمة إذ قال:{والذي نفسي بيده لا يدخل الجنة إلا الرحيم} ذلك أن الإنسان الرحيم هو إنسان تصالح مع نفسه واستقامت شؤونه.. ويعيش حالة من الوفاق والوئام في محيطه وجيرانه وعائلته ووالديه وأفراد أسرته..
قال تعالى في سورة الروم{ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك للآيات لقوم يتفكرون}
ثانياً:الإسلام دين المحبة:
لا يوجد دين حمل السعادة لمعتنقيه كالدين الإسلامي ..
ففي الجانب الاجتماعي يطرح عنوان المحبة, ويعبر عنه بأنه لب الدين وحقيقته وجوهره, فالحب في الله والبغض في الله يمثلان التوحيد ونفي الشرك لأساسيات هذا الدين, لذلك تعددت الروايات التي عبّرت عن أن الحب هو الدين, فعن الإمام الباقر(عليه السلام) {وهل الدين إلا الحب}, وقال تعالى: {حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم}وقال تعالى أيضاً{إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله}
فالحب لله تعالى أساس ومحور في حياة الإنسان المسلم فهو أساس لكل حب آخر لذا لا بد أن يكون أشد من أي حب آخر في حياته .
إنه حبٌ يفوق كل حبٍ, وحبٌ يكون مصدراً لكل حبٍ, وحبٌ يوجد عاطفة الإنسان ويملك عليه مشاعره فيحب الله ويحب في الله من يأمر الله بحبه ومن يكون حبه في امتداد حب الله, وحبٌ يقترن بالبغض والعداء لأعداء الله, فلا يجتمع حب الله تعالى مع حب أعدائه, ولا يجتمع الولاء لله تعالى مع مولاة أعدائه, ولا يصدق الإنسان في حبه لله, إن لم يكن هذا الحب يفرز بصورة طبيعية عداء وبغضاً وموقفاً سلبياً من أعداء الله.. {قل أن كان آباؤكم وأبناؤكم أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين}التوبة/24
هكذا يجب أن يكون الحب لله فوق حب الإنسان لأبنائه وآبائه وتجارته{والذين آمنوا اشد حباً لله}البقرة/165
فهذا الحب إذن كالطاعة حاسم ومطلق ومن دون قيود وشروط وقوّي وفاعل ومؤثر ومحتد قال تعالى{يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}النساء/59
وهكذا تقترن طاعة أولي الأمر من بعد رسول الله بطاعة الله ورسوله ونفس الطاعة المفروضة لله ورسوله تنتقل من بعد رسول الله إلى أولي الأمر.
فحب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وأولياء الأمور من بعده هو فرع حب الله تعالى فقد ورد عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) {والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من والده وولده} وفي امتداد حب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) حب أهل البيت(عليهم السلام) أولي الأمر من بعده.
فأفضل منابع الحب في قلب الإنسان هو الحب لله وفي الله, وتبادل الشعور بالحب مع الآخرين فعن الإمام الباقر(عليه السلام) {إذا أردت أن تعلم إن فيك خيراً فأنظر إلى قلبك فإن كان يحب أهل طاعة الله عز وجل ويبغض أهل معصيته ففيك خير والله يحبك, وإذا كان يبغض أهل طاعة الله ويحب أهل معصيته فليس فيك خير والله يبغضك والمرء مع من أحب}
فالحب في الله والبغض في الله مقياس دقيق لمعرفة خلوص القلب لله تعالى وصفاته.
ولذلك كله فإن حب الإنسان لأخيه المؤمن في الله دليل على حبه لله وليس شيء في حياة الإنسان أفضل من أن يحب الإنسان في الله ويبغض في الله ويعطي في الله ويمنع في الله فإذا توفر كل ذلك في قلب امرئ مسلم فأن ذلك إمارة تمكّن التوحيد الخالص من قلبه وخلوص قلبه لله تعالى.
وعن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) {ود المؤمن للمؤمن من أعظم شعب الإيمان.. ألا ومن أحب في الله وأبغض في الله وأعطى في الله ومنع في الله فهو من أصفياء الله}.
عوامل الألفة والمحبة:
نعلم أن الأصل في شخصية المؤمن الإلفة والمحبة للآخرين, أما النفور (من غير أعداء الله) فليس من خلق المؤمن وإنما هي سمة الفسقة والفّجار..
فعن الإمام الصادق(عليه السلام) عن انجذاب قلب المؤمن لأخيه المؤمن مقارناً لها بتنافر قلوب الفاسقين فيقول(عليه السلام) {إن ائتلاف قلوب الأبرار إذا التقوا وإن لم يظهروا التودد بألسنتهم كسرعة ائتلاف قطر السماء على مياه الأنهار, وإن بعد ائتلاف قلوب الفجار إذا التقوا وإن أظهروا التودد بألسنتهم كبعد البهائم من التعاطف وإن طال إعتلافها على مزود واحد.}
 فحينما تتآلف القلوب وتتراص الصفوف فإن الله تعالى ينزل بركته وتوفيقه, أما حين تدب الفرقة والنزاع وتسود العلاقات, فإن الله ينتزع بركته ويسلب تأييده وتوفيقه, ولعل ذلك ما يشير إليه الحديث الشريف المروي عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) {يد الله مع الجماعة}{والجماعة رحمة والفرقة عذاب}
أسباب المحبة:
في سبيل حرصه على بناء مجتمع نموذجي تسوده المحبة.. طرح الإسلام عدة مواصفات توفر المحبة وتورثها لكل من مارسها ونشير هنا باختصار إلى جملة منها :
1. حسن النية:
النية لها أثر كبير في تصرفات الإنسان وهو لا يشعر بذلك, ومن نتائجها وآثارها إنها تورث المحبة لدى الناس.. فعن أمير المؤمنين(عليه السلام){من حسنت نيته كثرت مثوبته, وطابت عيشته, ووجبت مودته}
2.حسن الظن بالناس:
إذ من الأخلاق العالية الكريمة حسن الظن بالناس وحمل أفعالهم على محمل الصحة فإن ذلك يسبب المحبة فعن الإمام علي(عليه السلام) {من حسن ظنه بالناس حاز منهم المحبة}
3.حسن العشرة:
مع من يعاشر وصحبة من يصاحب يورث المحبة عن الإمام علي(عليه السلام) {حسن الصحبة يزيد في محبة القلوب}وقال(س) {بحسن العشرة تدوم المودة}
4.البشاشة:
وهي طلاقة الوجه وحسن اللقاء, فعن الإمام علي(عليه السلام) {البشاشة حبالة المودة}أي أن البشاشة مصيدة تصطاد بها المحبة
5.حسن الخلق:
وهو كيفية نفسية تصدر عنها الأفعال بسهولة وقيل حسن الخلق ذهب بخير الدنيا والآخرة فهو يجمع الخير والسعادة لمن اتصف به وفي الحديث {من صفات أهل الدين حسن الخلق}.
6.الرفق بالآخرين:
والرفق لين الجانب وهو خلاف العنف وفي الحديث {الرفق نصف العيش}وعن أمير المؤمنين(عليه السلام) {رفق المرء وسخائه يحببه إلى أعدائه}
7.التواضع:
فعن الإمام الرضا(عليه السلام) في تعريف التواضع {التواضع أن تعطي الناس ما تحب أن تعطاه}وعن الإمام علي(عليه السلام){ثلاث يوجبن المحبة.حسن الخلق وحسن الرفق والتواضع}
8.السخاء:
أن من أهم عوامل المحبة السخاء.فعن أمير المؤمنين(عليه السلام) {ما استجلبت المحبة بمثل السخاء والرفق وحسن الخلق}وعنه(س)أيضاً {السخاء يذرع المحبة}
9.التحبب إلى الناس:
أن من أبرز عوامل المحبة من الآخرين هو التحبب إليهم وهذا أمر طبيعي فإن من يتحبب للآخرين فسوف يتحببون له ويودونه فعن الإمام الباقر(عليه السلام) أنه قال:{أن اعرابياً من بني تميم أتى النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) فقال له أوصني فكان مما أوصاه {تحبب إلى الناس يحبوك}
ثالثاً:الإسلام دين الإخاء:
والأخوة هي أقصى درجات القرب فيما نعرف من وشائج الصلة المتقابلة بين الناس, والتعبير عن العلاقة بين المؤمنين بالأخوة يرسم عمق هذه الصلة.
قال تعالى:{إنما المؤمنون أخوة}
وعن الإمام الصادق(عليه السلام) {المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشه ولا يعده فيخلفه}
 وقال الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) {المؤمنون أخوة تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم يسعى بذمتهم أدناهم}
من هنا فإن الأساس الذي يقوم عليه مبدأ المسؤولية الاجتماعية هو وحدة الأمة, وأنها كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
وأفراد هذه الأمة, أعضاء في أسرة واحدة يشملهم ما يشمل أعضاء الأسرة الواحدة من التضامن والتعاون والتعاطف.
عن الإمام زين العابدين(عليه السلام) أنه قال للزهري:{يا زهري وما عليك أن تجعل المسلمين بمنزلة أهل بيتك فتجعل كبيرهم بمنزلة والدك وتجعل صغيرهم بمنزلة ولدك.. وتجعل تربك منهم بمنزلة أخيك}
وهذا التصور الوجداني للأمة يتطلب أن يقوم المجتمع على أساس الإحساس بالمسؤولية والتضامن والتكافل والتعاون.. فالمجتمع في هذا كل مترابط ومتماسك ومتضامن وكل عضو في هذه الأمة يتحمل مسؤولية الآخرين كما يتحمل مسؤولية نفسه وحاجاته..
والإنسان المسلم لا يواجه عقبات العمل والحياة ومسؤولياتهما لوحده وإنما يتحمل معه هذه المسؤولية كل المسلمين, فكل مسلم مسؤول عن كل مسلم وكل مسلم يستحق على كل مسلم أن يدعمه ويعينه ويضع يده في يده ويحمل معه همومه ومسؤولياته..
فالحقوق والمسؤوليات متكافئة في المجتمع الإسلامي, وكل عضو في هذه الأمة يستحق العون من الآخرين فيما يواجه من مسؤوليات وابتلاءات وهموم ويتحمل مسؤولية الآخرين بنفس الدرجة.
ومن يراجع النصوص الإسلامية في هذا البناء يجد أن مسألة الحقوق والمسؤوليات من أبرز المسائل في بناء الأمة وتركيبها وتقويمها ..
الأساس العاطفي للمسؤولية:
رأينا فيما سبق أن المسؤولية في المجتمع الإسلامي تقوم على أساس من الإحساس بالتكليف الشرعي والعاطفة.. فيما تتجه المجتمعات الحديثة إلى تعيين المسؤولية وتحميلها على الدولة وتفريغها من كل محتواها النفسي وتجريد الإنسان من الإحساس بالمسؤولية.
أما الإسلام فيعطي للعاطفة -كما شرحنا- دوراً أساسياً في بناء المجتمعات وتعتبر المسؤولية في الفرد المسلم علامة الصحة وفقدان هذا الإحساس حالة مرضية في المجتمع.
وأن قيام الدولة في الإسلام بمسؤولياتها تجاه الأمة لا يرفع عبء المسؤولية عن عاتق الأفراد.. وعن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) {كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته}
وعنه(صلى الله عليه وآله وسلم) أيضاً {من سمع رجلاً ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم}
فالمسؤولية لا ترتفع بحال عن أي مسلم قادر على إغاثة مسلم وإمداده ودعمه إذا كان بحاجة إليه.ولو استغاث رجل من المسلمين في نازلةٍ نزلت به عمّت المسؤولية جميع المسلمين.. وهذه حالة فريدة من الإحساس بالمسؤولية العامة الشاملة تجاه كل الأمة يعبّر عنها في أصول الفقه بالواجبات الكفائية, وهي الواجبات التي تعم المسلمين جميعاً ولا تسقط عن ذمة المسلمين جميعاً ما لم يقم بها أحد المسلمين وقد جاء في الحديث {ما عبد الله بشيء أفضل من أداء حق المؤمن}
مواجهة المشاكل والخلافات:
والإسلام يواجه المشاكل والخلافات التي تحدث فيما بين الأخوة والأصدقاء بأسلوبين :
· الوقاية قبل حدوث المشاكل
· وأسلوب العلاج لحل الخلافات وتذويب الحساسيات بعد حدوثها

1. الوقاية:
عن الإمام علي(عليه السلام) {من حاسب الإخوان على كل ذنب قلّ أصدقاؤه}
وعنه(عليه السلام) أيضاً:{احتمل أخاك على ما فيه ولا تكثر العتاب فإنه يورث الضغينة}
ولا شك بأن سعة الصدر والتحمل في التعامل مع الإخوة والأصدقاء من أهم عوامل الوقاية من المشاكل.. والطريقة السليمة لمواجهة هذه الحالات هي الإغفاء والتجاوز والصفح والحلم وسعة الصدر في التعامل وتحمّل أخطاء وتجاوزات الآخرين فعن الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) {المؤمن نصفه تغافل}
وعن الإمام علي(عليه السلام) {من أشرف أخلاق الكريم تغافله عما يعلم}

2. العلاج:
وأهم الوسائل التي يتخذها الإسلام لعلاج الخلافات بين الأخوة هو توسيط الآخرين في إصلاح ذات البين وإزالة الخلاف وتذويب الحساسيات فعن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) {إصلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصوم}
 وعنه(صلى الله عليه وآله وسلم) أيضاً:{ما عمل امرؤ عملاً بعد إقامة الفرائض خيراً من أصلاح بين الناس يقول خيراً ويتمنى خيراً}
وروي عن الإمام علي(عليه السلام) في وصيته لابنه الحسن(عليه السلام) أنه قال:{احمل نفسك من أخيك عند صرفه على الصلة, وعند صدوده على اللطف والمقاومة, وعند جموده على البذل, وعند تباعده على الدنو وعند شدته على اللين, وعند جرمه على العذر...}
..وأما إذا بادر أحد الطرفين إلى الصلح مع الآخر ومدّ يده إليه فقبض الآخر عنه يده ولم يستجيب لمبادرته فهو غاية اللؤم وأقبح الأفعال فعن الإمام الصادق(ع) {ملعون ملعون رجل يبدؤه أخوه بالصلح فلم يصالحه}
ولذا علينا أن لا ننسى أن الإسلام علمنا أن نحب حتى عدونا وأن نخاطبه بالتي هي أحسن لنحوله إلى ولي حميم.. على هذا الصعيد العملي والواقع الخارجي كما قال سبحانه {إنما المؤمنون أخوة}ثم فرع على ذلك قوله:{فأصلحوا بين أخويكم}
وعن الصادق(عليه السلام) {المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشه ولا يعده فيخلفه}
وعن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) {من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم}
تعميم روح الإخوة والمحبة بين قطاعات الأمة:
لا شك بأن كل مؤمن صادق الإيمان يتمنى من أعماق نفسه أن يرى أمته ومجتمعه متوحداً متماسكاً بعيداً عن الصراعات والنزاعات, بعيداً عن روح الطائفية الضيقة وفقدان حالة الرحمة والتسامح والمداراة الإسلامية..
ولا شك بأن كل المجاهدين الواعين والمخلصين المتطلعين, ينظرون بعين الرجاء بأن يرو مجتمعات أمتهم تضج بالمحبة والأخوة وألوان التعاون وحيث العاملون لله جميعاً وفي كل مكان {يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص}وينظرون بعين الأمل إلى سعي مركز يقوم به علماء الأمة العاملون لمواجهة الفتن ومكائد الأعداء في هذه المرحلة الحساسة
سعي من اجل زرع وتنمية روح الأخوة وإحياء العلاقات الصادقة في مجتمعاتنا على قاعدة الأخوة في الله والمحبة في الله..
فمسؤولية الجميع الشرعية هي الحفاظ على هذا الدين في مقابل ما نواجه من هجمة, نائين بأنفسنا ومحيطنا ومجتمعنا بعيدا عن التعصب والعصبية والتكفير, عاملين على بذل الجهد في الخطاب والتوجهات وصولاً إلى مواجهة المتسللين والمنحرفين الذين يعملون على تمزيق الأمة بشعاراتهم وأعمالهم المسيئة للإسلام والمسلمين والتي تصب في مصلحة المستكبرين وأغراضهم وأهدافهم..
كما لا بد لعلمائنا المخلصين من أخذ دورهم بالتصدي لرسم أولويات المرحلة ولتوعية الناس من حولهم من اجل أن يساهم الجميع في حفظ مصالح الأمة ووحدتها, أولوية تحكم الخطاب والأفكار ومنهاج العمل والخطوات..
فالجمهورية الإسلامية اليوم بقيادة السيد القائد الخامنئي وفاعلية الرئيس الدكتور أحمدي نجاد هي بحمد الله تعالى تقوم بكل إمكانياتها بتعزيز هذا المبدأ الذي أحياه الإمام الخميني(رض)وجعله أولوية.
فهذا الإمام العظيم الذي كان مشبعاً بالإسلام كان طرحه وتفكره بحجم الإسلام-كما رأينا- وليس بحجم مذهب أو فئة
كان يرى الأمة باتساع كل مكوناتها, فالسنة والشيعة بحسب رؤيته يشكلون الإسلام الواحد, وهم هدف واحد لأعدائهم الذين يتربصون بهم الدوائر والذين لا يفرقون بين مسلم وآخر أي يكن مذهبه وهو يقول في هذا المجال:{إن الذين يريدون إيجاد التفرقة بين إخواننا أهل السنة والشيعة أنهم يعملون لصالح أعداء الإسلام ويتآمرون لصالحهم.ويريدون تحقيق غلبة أعداء الإسلام على المسلمين.. يجب أن نكون يقظين, و)أن نعلم أن هذا الحكم{إنما المؤمنون أخوة} هو حكم الهي انهم أخوة وليست بينهم حيثية غير الأخوة وأننا مكلفون جميعا بالتعامل كالإخوان, وأنه يجب أن يحترز الأخوة السنة والشيعة عن أي اختلاف, إن اختلافنا اليوم هو فقط لصالح أولئك الذين لا يعتقدون لا بالمذهب الشيعي ولا بالمذهب الحنفي ولا بسائر الفرق الأخرى}
لقد أدرك الإمام(قده)ببعد نظره وبفهمه للإسلام مدى أهمية مظهر الوحدة في تأليف المسلمين والتقريب فيما بينهم فقام من منطلق كونه مرجع تقليد أولاً ثم من موقعه كولي لأمر المسلمين وقائد لهم-حينذاك- بإصدار فتواه الشرعية المتعلقة بالحج ومفادها:حرمة إقامة صلاة الجماعة في غير أماكن إقامتها الشرعية أو الأساسية في مكة وأماكن الحج, وأماكن إقامتها الأساسية هي الحرم المكي والمساجد العامة المحيطة به, فإذا أراد الحجاج أن يقيموا صلاة الجماعة فعليهم أن يصلوا مع جماعة المسلمين, ويأتموا بالأئمة المكلفين بإمامة الصلاة إلى أي مذهب انتموا وهذا الحكم يفيد حرمة إقامة صلاة في المنازل والفنادق وأماكن السكن, والهدف الأساسي لهذا الحكم الشرعي الذي قال به الإمام الخميني هو إظهار وحدة الأمة الإسلامية, لقد نقل الإمام الخميني بهذه الفتوى مسألة التقريب من الإطار النظري إلى الإطار العملي, كيف لا وهو الذي يملك سلطة الأمر باعتباره حاكماً وولياً لأمر المسلمين يومذاك..
هذا النهج نفسه يتابعه اليوم أيضاً سماحة الإمام السيد القائد الخامنئي (دام ظله)..ويضعه في سلم أولوياته..
 وقد رأينا في الأشهر الماضية كيف كان تأثير وصدى الفتوى التي أطلقها سماحته على مستوى الأمة بأسرها.. والذي كان بخصوص تحريم الإساءة لزوج النبي الأكرم السيدة عائشة إضافة إلى تحريم النيل من الرموز الإسلامية لإخواننا من أهل السنّة..
وقد تفاعل معها كثيرين من العلماء والشخصيات الدينية في سائر أنحاء العالم إضافة إلى الصحافة المحلية والعالمية والمواقع الالكترونية.. كما شهدت الأمة أيضاً الصدى الطيب من سماحة الدكتور الشيخ احمد الطيب شيخ الأزهر الذي أشاد بتلك الفتوى واصفاً إياها بأنها صادرة عن علم صحيح وعن إدراك عميق لخطورة ما يقوم به أهل الفتنة وأنها تعبر عن الحرص على وحدة المسلمين... وكذلك رفضه لتكفير الشيعة وإعلانه بأنه سيصلي خلفهم في النجف الأشرف.
أخيراً مسؤولية المخلصين في الأمة:
1. إن المطلوب من أبناء الأمة المخلصين اليوم رجالاً ونساء هو أداء التكليف الشرعي بتطبيق مفهوم الوحدة الإسلامية كواجب عيني للحفاظ على الإسلام والمسلمين وإعطائه الأولوية بحركتنا وعملنا اليومي وذلك أن - وحدة الأمة- إنما تعبر عن خاصية مهمة من خصائص هذه الأمة وبدونها لا يمكن لها أن تدّعي اكتمال هويتها وقد وضع الإسلام خطة متكاملة لتحقيق هذه الوحدة بانياً لها على أساس الاعتصام بحبل الله المتين (وهو كل سبيل معصوم يوصل إلى الله) ومؤكداً على وحدة الأصل والخلق ووحدة الهدف ووحدة الشريعة والمسير, داعياً إياهما للدخول الجماعي في إطار التسليم الكامل لله..وغارساً الأخلاقية وعناصر التضحية بالمصالح الضيقة في سبيل الهدف العام, حاذفاً كل المعايير المفرقة كاللغة والقومية والوطن والعشيرة واللون مركزاً على المعايير الإنسانية كالعلم والتقوى والجهاد, ومركزاً على لزوم تحري نقاط اللقاء وداعياً إلى استخدام المنطق السليم, منطق الحوار الهادئ الموضوعي, إلى ما هنالك من عناصر...
2. امتلاك وضوح الرؤية لمواجهة الصراع وتحديد معرفة العدو من الصديق وتوضيح ذلك للأمة للمجتمعات الإسلامية والعربية عبر كل الوسائل المتاحة..
3. إحياء روح الثقة بالنفس لدى كافة أفراد الأمة وإعادة روح العزة للمسلمين وتثبيت الثقة بالله تعالى الذي وعد هذه الأمة بالنصر والعزة {ان تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم}
4. العلماء كما ورد عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) هم ورثة الأنبياء.. لذا لا بد لهم من اخذ دورهم الحقيقي الهام وتحمل مسؤولياتهم الشرعية في الدعوة إلى الوحدة.. إنهم صمام أمان هذه الأمة وقد تحملوا ولا زالوا يتحملون مسؤولية توحيد الأمة وتوجيهها فعن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) {مثل العلماء كمثل النجوم في السماء, يهتدي بها من ظلمات البر والبحر, فإذا انطمس النجوم, أوشك أن تضل الهداة}.
فهم الأساس في توجيه الأمة وتوحيدها وكشف مخططات الاستعمار ودسائسه وعلى عاتقهم تقع مسؤولية إعادة الحالة المذهبية إلى وضعها الطبيعي عبر البحث عن المساحات المشتركة التي تلتزم بها جميع المذاهب الإسلامية وما أكثرها..
5. تعزيز قيم الرحمة والمحبة والإخاء في مجتمعاتنا لكونها تشكل القواعد المنظمة للسلوك ولكونها إذا اجتمعت أوجدت تلك الألفة الروحية واللمسة الإلهية التي يقذفها الله تعالى في قلوب الأصفياء من خلقه والأتقياء من عباده.
انها حياة الروح, وروح الحياة, أنها منارة الدنيا وجوهرة الدين, ومسؤولية الإيمان والالتزام..
فهذه القيم الإنسانية والإسلامية السامية, هي القوة الدافعة التي تقف كما نلاحظ وراء كل التضحيات الجليلة لمجاهدينا العظام على أرض فلسطين ولبنان, وهي التي مكنت جماهير المقاومة في فلسطين ولبنان من الارتفاع والصمود رغم الأهوال والدمار الذي صبته ترسانة العدو الصهيوني..
فهؤلاء العظماء من الرجال والنساء.. الذين اشتعلت قلوبهم بحب الله والرسول وآل بيته(عليهم السلام) اندفعوا نحو ساحات التضحية والبذل لعطاء بغير حساب.