المزني فسلم المزني وأبلغ من ذلك ما رواه بن أبي شيبة والبيهقي عن أنس أنه كان إذا أراد السفر يفطر في الحضر قبل أن يركب ثم لا فرق عند المجيزين في الفطر بكل مفطر وفرق أحمد في المشهور عنه بين الفطر بالجماع وغيره فمنعه في الجماع قال فلو جامع فعليه الكفارة الا أن أفطر بغير الجماع قبل الجماع واعترض بعض المانعين في أصل المسألة فقال ليس في الحديث دلالة على أنه صلى الله عليه وسلّم نوى الصيام في ليلة اليوم الذي أفطر فيه فيحتمل أن يكون نوى أن يصبح مفطرا ثم أظهر الإفطار ليفطر الناس لكن سياق الأحاديث ظاهر في أنه كان أصبح صائما ثم أفطر وقد روى بن خزيمة وغيره من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلّم بمر الظهران فأتى بطعام فقال لأبي بكر وعمر ادنوا فكلا فقالا أنا صائمان فقال اعملوا لصاحبيكم ارحلوا لصاحبيكم ادنوا فكلا قال بن خزيمة فيه دليل على أن للصائم في السفر الفطر بعد مضى بعض النهار تنبيه قال القابسي هذا الحديث من مرسلات الصحابة لأن بن عباس كان في هذه السفرة مقيما مع أبويه بمكة فلم يشاهد هذه القصة فكأنه سمعها من غيره من الصحابة .
( قوله باب كذا للأكثر بغير ترجمة ) .
وسقط من رواية النسفي وعلى الحالين لا بد أن يكون لحديث أبي الدرداء المذكور فيه تعلق بالترجمة ووجهه ما وقع من إفطار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم في رمضان في السفر بمحضر منه ولم ينكر عليهم فدل على الجواز وعلى رد قول من قال من سافر في شهر رمضان أمتنع عليه الفطر .
1843 - قوله عن أم الدرداء في رواية أبي داود من طريق سعيد بن عبد العزيز عن إسماعيل بن عبيد الله وهو بن أبي المهاجر الدمشقي حدثتني أم الدرداء والإسناد كله شاميون سوى شيخ البخاري وقد دخل الشام وأم الدرداء هي الصغرى التابعية قوله خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم في بعض أسفاره في رواية مسلم من طريق سعيد بن عبد العزيز أيضا خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم في شهر رمضان في حر شديد الحديث وبهذه الزيادة يتم المراد من الاستدلال ويتوجه الرد بها على أبي محمد بن حزم في زعمه أن حديث أبي الدرداء هذا لا حجة فيه لاحتمال أن يكون ذلك الصوم تطوعا وقد كنت ظننت أن هذه السفرة غزوة الفتح لما رأيت في الموطأ من طريق أبي بكر بن عبد الرحمن عن رجل من الصحابة قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالعرج في الحر وهو يصب على رأسه الماء وهو صائم من العطش ومن الحر فلما بلغ الكديد أفطر فإنه يدل على أن غزاة الفتح كانت في أيام شدة الحر وقد اتفقت الروايتان على أن كلا من السفرتين كان في رمضان لكننى رجعت عن ذلك وعرفت أنه ليس بصواب لأن عبد الله بن رواحة استشهد بمؤتة قبل غزوة الفتح بلا خلاف وأن كانتا جميعا في سنة واحدة وقد استثناه أبو الدرداء في هذه السفرة مع النبي صلى الله عليه وسلّم فصح أنها كانت سفرة أخرى وأيضا فإن في سياق أحاديث غزوة الفتح أن الذين استمروا من الصحابة صياما كانوا جماعة وفي هذا أنه عبد الله بن رواحة وحده وأخرج الترمذي من حديث عمر غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلّم في رمضان يوم بدر ويوم الفتح الحديث ولا يصح حمله أيضا على بدر لأن أبا الدرداء لم يكن حينئذ أسلم وفي الحديث دليل على أن لا كراهية في الصوم في السفر لمن قوي عليه ولم يصبه منه مشقة شديدة