وذلك أن العرب إذا حذفت من الكلمة حرفا إمّا ضرورة أو إيثارا فإنها تصوّر تلك الكلمة بعد الحذف منها تصويرا تقبله أمثلة كلامها ولا تعافه وتمّجه لخروجه عنها سواء كان ذلك الحرف المحذوف أصلا أم زائدا . فإن كان ما يبقى بعد ذلك الحرف مثالا تقبله مُثُلهم أقرّوه عليه . وإن نافرها وخالف ما عليها أوضاعُ كلمتها نقِض عن تلك الصورة وأصِير إلى احتذاء رسومها .
فمن ذلك أن تعتزم تحقير نحو منطلق أو تكسيرَه فلا بدّ من حذف نونه . فإذا أنت حذفتها بقى لفظه بعد حذفها : مُطَلِق ومثاله مُفَعِل . وهذا وزن ليس في كلامهم فلا بدّ إذًا من نقله إلى أمثلتهم . ويجب حينئذ أن يُنقل في التقدير إلى أقرب المُثُل منه ليقرب المأخذ ويقلّ التعسّف . فينبغي أن تقدّره قد صار بعد حذفه إلى مُطْلِق لأنه أقرب إلى مُطَلِق من غيره ثم حينئذ من بعدُ تحقّره فتقول : مُطَيلق وتكسّره فتقول : مَطالق كما تقول في تحقير مكرم وتكسيره : مكيرِم ومكارم . فهذا باب قد استقرّ ووضح فلتَغْنَ به عن إطالة القول بإعادة مثله . وسنذكر العِلّة التي لها ومن أجلها وجب عندنا اعتقادُ هذا فيه بإذن الله . فإن كان حذف ما حذف