فكلّ من فُرق له عن علّةٍ صحيحة وطريقٍ نَهْجٍه كان خَلِيل نفِسه وأبا عَمْرو فكرِه .
إلا اننا مع هذا الذي رأيناه وسوَّغنا مرتكبَه لا نسمح له بالإقدام على مخالفِة الجماعة التي قد طال بحثُها وتقدَّم نظرها وتتالت أواخِرَ على أوائلِ وأعجازا على كلا ِكل والقومِ الذين لا نشكّ في أن الله سبحانه وتقدّست اسماؤه قد هداهم لهذا الِعلْم الكريم واراهم وجَهَ الحكمة في الترجيب له والتعظيم وجعله ببركاتهم وعلى أيدي طاعاتهم خادما للكتاب المنزل وكلام نبيه المرسل وعَوْناً على فهمهما ومعرفة ما أُِمَر به او نُهِى عنه الثَّقَلان منهما إلاَّ بعد أن يناهضه إتقانا ويثابته عِرفانا ولا يُخلِد إلى سانح خاطره ولا إلى نَزْوةٍ من نَزَواتِ تفكّره فإذا هو حذا على هذا المثالِ وباشر بإنعام تصفُّحه أحناء الحال أمضى الرأي فيما يريه الله منه غير معازّ به ولا غاضّ من السَّلَف رحمهم الله في شىء منه فإنه إذا فعل ذلك سُدِّد رأيه وشُيِّع خاطره وكان بالصواب مئِنَّة ومن التوفيق مِظنَّة وقد قال ابو عثمان عمرو بن بَحْر الجاحظ ما على الناس شىء اضرّ من قولهم :