على قوَّة تداخُل هذه اللغة وتلامُحها واتصال أجزائها وتلاحُقِها وتناسُب أوضاعها وأنها لم تُقَتعثِ اقتِعاثا ولا هيِلت هَيْلا وأن واضعها عُنيِ بها وأحسَن جِوارها وأمِدّ بالإصابة والأصالة فيها .
باب في إصلاحِ اللفظ .
أعلم أنه لمَّا كانت الألفاظ للمعاني أزِمَّة وعليها أدِلَّة وإليها موصِّلة وعلى المراد منها محصِّلة عُنيت العرب بها فأولتها صدرا صالحا من تثقِيفها وإصلاحها .
فمن ذلك قولهم أمَّا زيد فمنطلق ألا ترى أن تحرير هذا القول إذا صرَّحت بلفظ الشرط فيه صِرت إلى أنك كأنك قلت مهما يكن من شئ فزيد منطلق فتحد الفاء في جواب الشرط في صدر الجزأين مقدَّمة عليهما وأنت في قولك أمَّا زيد فمنطلق إنما تجد الفاء واسطة بين الجزأين ولا تقول أمَّا فزيد منطلق كما تقول فيما هو في معناه مهما يكن من شئ فزيد منطلق وإنما فُعِل ذلك لإصلاح اللفظ .
ووجه إصلاحه أن هذه الفاء وإن كانت جوابا ولم تكن عاطفة فإنها على مذهب لفظ العاطفة وبصورتها فلو قالوا أمَّا فزيد منطلق كما يقولون مهما يكن من شئ فزيد منطلق لوقعت الفاء الجارية مَجرى فاءِ العطف بعدها اسم