أن الاستصناع لا جبر فيه إلا إذا كان مؤجلا بشهر فأكثر فيصير سلما وهو عقد لازم يجبر عليه ولا خيار فيه وبه علم أن قول المصنف فيجبر الصانع على عمله لا يرجع الآمر عنه إنما هو فيما إذا صار مسلما فكان عليه ذكره قبل قوله وبدونه وإلا فهو مناقض لما ذكره بعده من إثبات الخيار للآمر ومن أن المعقود عليه العين لا العمل فإذا لم يكن العمل معقودا عليه كيف يجير عليه .
وأما ما في الهداية عن المبسوط من أنه لا خيار للصانع في الأصح فذاك بعد ما صنعه ورآه الآمر كما صرح به في الفتح وهو ما مر عن البائع والظاهر أن هذا منشأ توهم المصنف وغيره كما يأتي .
وبعد تحريري لهذا المقام رأيت موافقته في الفصل الرابع والعشرين من نور العين إصلاح جامع الفصولين حيث قال بعد أن أكثر من النقل في إثبات الخيار في الاستصناع فظهر أن قول الدرر تبعا لخزانة المفتي أن الصانع يجبر على عمله والآمر لا يرجع عنه سهو ظاهر ا ه .
فاغتنم هذا التحرير ولله الحمد .
قوله ( والمبيع هو العين لا عمله ) أي أنه بيع عين موصوفة في الذمة لا بيع عمل أي لا إجارة على العمل لكن قدمنا أنه إجارة ابتداء بيع انتهاء .
تأمل .
$ مطلب ترجمة البردعي $ قوله ( خلافا للبردعي ) بالباء الموحدة وسكون الراء وفتح الدال المهملة وفي آخره عين مهملة نسبة إلى بردعة بلدة من أقصى بلاد أذربيجان وهو أحمد بن الحسين أبو سعيد من الفقهاء الكبار قتل في وقعة القرامطة مع الحاج سنة سبع عشرة وثلاثمائة وتمام ترجمته في طبقات عبد القادر .
قوله ( بمصنوع غيره ) أي بما صنعه غيره .
قوله ( فأخذه ) أي الآمر .
قوله ( بلا رضاه ) أي رضا الآمر أو رضا الصانع .
قوله ( قبل رؤية آمره ) الأولى قبل اختياره لأن مدار تعينه له على اختياره وهو يتحقق بقبضه قبل الرؤية .
ابن كمال .
قوله ( ومفاده الخ ) قدمنا التصريح بهذا المفاد عن البدائع وعلله بأن الصانع بائع ما لم يره ولا خيار له ولأنه بإحضاره أسقط خيار نفسه الذي كان له قبله فبقي خيار صاحبه على حاله ا ه .
وفي الفتح وأما بعد ما رآه فالأصح أنه لا خيار للصانع بل إذا قبله المستصنع أجبر على دفعه له لأنه بالآخرة بائع ا ه .
وهذا هو المراد من نفي الخيار في المبسوط فقول المصنف في المنع ولا خيار للصانع كذا ذكره في المبسوط فيجبر على العمل لأنه باع ما لم يره الخ صوابه أن يقول فيجبر على التسليم لأن الكلام بعد العمل وأيضا فالتعليل لا يوافق المعلل على ما فهمه وهذا هو منشأ ما ذكره في متنه أولا وقد علمت تصريح كتب المذهب بثبوت الخيار قبل العمل وفي كافي الحاكم الذي هو متن المبسوط ما نصه والمستصنع بالخيار إذا رآه مفروغا منه وإذا رآه فليس للصانع منعه ولا بيعه وإن باعه الصانع قبل أن يراه جاز بيعه .
قوله ( وهو الأصح ) وهو ظاهر الرواية وعنه ثبوت الخيار لهما وعن الثاني عدمه لهما كما مر عن البدائع .
قوله ( إلا بأجل كما مر ) أي بأجل مماثل لما مر في السلم من أن أقله شهر فيكون سلما بشروطه .
قوله ( فإن لم يصح ) أي الأجل لعقد السلم بأن كان أقل من شهر .
قوله ( وإن للاستعجال ) أي بأن لم يقصد به التأجيل والاستمهال بل قصد به الاستعجال بلا إمهال وظاهره أنه لو لم يذكر أجلا فيما لم يجر فيه تعامل صح لكنه خلاف ما يفهم من المتن ولم أره صريحا فتأمل .