@ 19 @ إنما ينظر إلى مقاصدهم الحقيقية من الكلام الذي يلفظ به حين العقد لأن المقصود الحقيقي هو المعنى وليس اللفظ ولا الصيغة المستعملة وما الألفاظ إلا قوالب للمعاني . ومع ذلك فإنه ما لم يتعذر التأليف بين الألفاظ والمعاني المقصودة لا يجوز إلغاء الألفاظ مثال ذلك : بيع الوفاء فاستعمال كلمة البيع فيه التي تتضمن تمليك المبيع للمشتري أثناء العقد لا يفيد التمليك لأنه لم يكن مقصودا من الفريقين بل المقصود به إنما هو تأمين دين المشتري المترتب في ذمة البائع وإبقاء المبيع تحت يد المشتري لحين وفاء الدين ولذلك لم يخرج العقد عن كونه عقد رهن فيجري به حكم الرهن ولا يجري حكم البيع . | فبناء على ما تقدم يحق للبائع بيعا وفائيا أن يعيد الثمن ويسترد المبيع كما أنه يحق للمشتري أن يعيد المبيع ويسترجع الثمن ولو كان العقد بيعا حقيقيا لما جاز إعادة المبيع واسترداد الثمن إلا باتفاق من الفريقين على إقالة البيع . | مثال ثان : لو اشترى شخص من بقال رطل سكر وقال له خذ هذه الساعة أمانة عندك حتى أحضر لك الثمن فالساعة لا تكون أمانة عند البقال بل يكون حكمها حكم الرهن وللبقال أن يبقيها عنده حتى يستوفي دينه فلو كانت أمانة كما ذكر المشتري لحق له استرجاعها من البائع بصفتها أمانة يجب على الأمين إعادتها . | مثال ثالث : لو قال شخص لآخر وهبتك هذه الفرس أو الدار بمائة جنيه فيكون هذا العقد عقد بيع لا عقد هبة وتجري فيه أحكام البيع . فإذا كان المبيع عقارا تجري فيه أحكام الشفعة وغيرها من أحكام البيع . | مثال رابع : لو قال شخص لآخر قد أعرتك هذا الفرس لتركبه إلى كوجك شكمجه بخمسين غرشا فالعقد يكون عقد إيجار لا عقد إعارة رغما من استعمال كلمة الإعارة في العقد لأن الإعارة هي تمليك منفعة بلا عوض وهنا يوجد عوض . | مثال خامس : لو قال شخص لآخر قد أحلتك بالدين المطلوب مني على فلان على أن تبقى ذمتي مشغولة حتى يدفع المحال عليه لك الدين . فالعقد هذا لا يكون عقد حوالة لأن الحوالة هي نقل ذمة إلى ذمة أخرى وهنا بقيت ذمة المدين مشغولة والذي جرى إنما هو ضم ذمة أخرى فأصبح المحال عليه كفيلا بالدين والمدين أصيلا . | مثال سادس : لو أعطى شخص آخر عشر كيلات حنطة أو عشر ليرات وقال له قد أعرتك إياها فيكون قد أقرضها له ويصبح للمستعير حق التصرف بالمال أو الحنطة المعارة له مع أنه ليس للمستعير التصرف بعين المال المعار بل له حق الانتفاع به بدون استهلاك العين . | $ ( مستثنيات هذه القاعدة ) $ | لهذه القاعدة مستثنيات وهي : لو باع شخص شيئا لآخر مع نفي الثمن بقوله قد بعتك هذا المال بدون ثمن يكون البيع باطلا ولا يعتبر العقد هبة كذلك لو آجر شخص آخر فرسا بدون أجرة تصبح الإجارة فاسدة ولا تكون عارية لأن الإجارة تفيد بيع المنفعة بعوض والعارية تفيد عدم العوض وبما أن بين معنى اللفظين تضادا فلا يجوز استعارة لفظ الإجارة في الإعارة .