يقول السيد محمد باقر الصدر رحمه الله: «ليس المهدي تجسيد لعقيدة إسلامية ذات طابع ديني فحسب، بل هو عنوان لطموح اتّجهت إليه البشرية بمختلف أديانها ومذاهبها، وصياغة لإلهام فطري أدرك الناس من خلاله أنَّ للإنسانية يوماً موعوداً على الأرض، تحقّق فيه رسالات السماء مغزاها الكبير وهدفها النهائي...»[1]. وبعد وضوح الفكرة، وكونها من المشتركات بين الأديان، وحتميتها وفطريتها بالنسبة لأبناء البشر، فمن الطبيعي أن يقوم أتباع كلّ دين وفرقة إلى اختيار مصداق لهذه الشخصية الغيبية الإلهية التي تتحدّث عنها نصوص الأديان وبشارات الأنبياء. ومن هنا عمدت بعض الطوائف والديانات إلى أُسلوب التأويل للنصوص، والبشارات التي لا تنسجم مع فكرتها في تعيين هوية المصلح العالمي، وأوّلتها بما ينسجم مع فهمها الخاصّ لهذه النصوص. فأمّا بالنسبة لأصحاب الديانات ـ كاليهودية والنصرانية ـ فلعلّ الذي فتح لهم باب التأويل في تحديد هوية المصلح العالمي، هو غيبية المسألة، وجهلهم بالدين الإسلامي، وعدم إطّلاعهم على النصوص الواردة عن النّبي (صلى الله عليه وآله) وعن أهل بيته (عليهم السلام) في خصوص تحديد من هو المصلح العالمي. وممّا يميز المسلمين عن غيرهم من الديانات الأُخرى: اتّحاد الفكرة عندهم، وإجماعهم على أنَّ المصلح العالمي الذي بشّرت به كلّ الأديان هو المهدي المنتظر، وأنّه من ذرّية النّبي (صلى الله عليه وآله) ومن ولد فاطمة صلوات الله وسلامه عليها. وقد اختصّت مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) من بين فرق الإسلام بالقول بغيبة الإمام المهدي (عليه السلام) ، وأنّه هو الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت الذين بشّر بهم النّبي (صلى الله عليه وآله)